
بخطى متسارعة يسير لبنان نحو الاستحقاق الانتخابي النيابي المقرّر إجراؤه في السادس من أيار / مايو المقبل. هي أيام معدودة تفصل الشعب اللبناني عن اختيار ممثليه في الندوة البرلمانية، هذه المؤسسة الدستورية التي تقع على عاتقها مهام التشريع والرقابة والتمثيل. فماذا عن تاريخ هذا البرلمان، من حيث العمارة والولايات المتعاقبة؟
منذ عام 1933، شرع المهندس المعماري الأرمني من أصل تركي "مارديروس
ألتونيان" بالعمل على تصميم مبنى مجلس النواب الحالي في ساحة النجمة والإشراف
على تنفيذه، حيث انطلقت الاجتماعات فيه اعتباراً من عام 1934، بعد أن كانت تعقد في السراي الصغير في ساحة البرج
وسط العاصمة بيروت.
أما المبنى الجديد لمكاتب النواب الملاصق لمبنى البرلمان في ساحة النجمة،
فقد تم تصميم عمارته وتنفيذها بين عامي 1994 و 1997، فيما أعيدت "ساعة
العبد" إلى مكانها قرب مجلس النواب في تموز 1996، بعد أن نُقلت من ساحة النجمة إلى طريق النهر
أوائل عام 1975 إثر اندلاع الحرب الأهلية.
وفي ما يخص تاريخ مكتبة المجلس النيابي اللبناني، فقد تم نقلها بما
تحويه من كتب ووثائق تضمّنت دستور عام 1926، إلى "قصر منصور" عقب اندلاع
الحرب الأهلية عام 1975، ثم أعيدت بعد تلك الحقبة إلى ساحة النجمة. وتشير الإحصاءات
إلى أن المكتبة فقدت كتب ووثائق في غاية الأهمية نتيجة الدمار الذي شهده البلد ومؤسساته
العامة والخاصة خلال الحرب.
مع بداية العهد الجديد للمجلس النيابي، أعيد إحياء المكتبة وتطويرها ضمن
المديرية العامة للدراسات والمعلومات، وهي تتألف من دائرتي المكتبة والتوثيق،
وتشغل إلى جانب قسم التوثيق مساحة ألف متر مربع في المبنى الجديد لمجلس النواب.
وتحتوي مكتبة المجلس النيابي على ما يفوق 20 ألف كتاب وعنوان باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية، أدخلت ضمن نطاق المعطيات البيبليوغرافية المُمكننة.
نبذة تاريخية عن تأسيس البرلمان اللبناني والولايات المتعاقبة
منذ إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، تم تشكيل البرلمان اللبناني
تحت تسميات مختلفة خلال مراحل تاريخة متعاقبة، بدأت في 22 أيلول عام 1920 عند
تأسيس البرلمان تحت اسم اللجنة الإدارية، وكان عدد مقاعده آنذاك 17 مقعداً ودامت ولايته
حتى تاريخ 8 آذار 1922. ومن ثم تعدلت تسميته
حيث أصبح يُعرف بالمجلس التمثيلي الأول من 24 أيار 1925 حتى نهاية 1925 وكان عدد مقاعده
30.
تحت اسم المجلس التمثيلي الثاني، استمر عمل المجلس من 13 تموز 1925 حتى 23
أيار 1926، ليصبح بعد ذلك مجلس
الشيوخ من 24 أيار 1926 حتى تشرين الأول 1927، وكان عدد المقاعد حينها 16 مقعداً.
في مرحلة لاحقة عُرف البرلمان اللبناني
باسم مجلس النواب الأول من 18 تشرين الثاني 1928 حتى 13 أيار 1929، وشمل 46 مقعداً، وتلاه مجلس النواب الثاني من 15 تموز
1929 حتى 10 أيار 1932 وبلغ عدد مقاعده حينها 45 مقعداً.
المجلس النيابي هذا تلاه مجلس النواب الثالث من 30 كانون الأول 1932 حتى
تاريخ 5 حزيران 1937 وكان عدد مقاعده 25 مقعداً. أما مجلس النواب الرابع فكان من 29 تشرين
الثاني 1937 حتى 21 أيار 1939 وكان عدد مقاعده 62.
مجلس النواب الخامس استمرّ من 21 أيلول 1943 حتى 7 نيسان 1947، حيث أصبح
عدد مقاعده 55 مقعداً على قاعدة كذا أضعاف العدد 11، وهو الرقم الأساسي الذي يعطي ستة
مقاعد للمسيحيين وخمسة مقاعد للمسلمين. انطلاقاً من هذه الحقبة، أصبح المجلس النيابي
اللبناني منتخباً بكامله وتم إلغاء التعيين.
مجلس النواب السادس استمرت ولايته من 25 أيار 1947 حتى 30 آذار 1951 وكان
عدد مقاعده كسابقه، أي 55 مقعداً.
أما مجلس النواب السابع، فكان من 5 حزيران 1951 حتى 30 أيار 1953 وأصبح
عدد مقاعده 77 مقعداً.
مجلس النواب الثامن استمر عمله من 13 آب 1953 حتى 20 آب 1957، وخُفض عدد
مقاعده إلى 44 مقعداً.
أما مجلس النواب التاسع، فكان من 20 آب 1957 حتى 18 تموز 1960 وتم رفع
عدد مقاعده إلى 66 مقعداً.
مجلس النواب العاشر استمرت ولايته من 18 تموز 1960 حتى 8 أيار 1964 وتمت
زيادة مقاعده إلى 99 مقعداً،
فيما استمر مجلس النواب الحادي عشر من 8 ايار 1964 حتى 9 أيار
1968 وبقي عدد مقاعده 99.
المجلس النيابي الثاني عشر كان من 9 أيار 1968 حتى 3 أيار 1972 وبقي عدد
مقاعده 99. أما مجلس نواب قبل
اتفاق الطائف، وهو مجلس النواب الثالث عشر، فطال عمره من 3 أيار 1972 حتى أيار
1991.
وفي هذا المعرض، تجدر الإشارة إلى أنه بعد إقرار القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/9/،1990 صدر القانون رقم
51 تاريخ 23/5/1991 الذي عدّل قانون الانتخاب واستحدث مقاعد نيابية جديدة. وفي 7 حزيران
1991، تمّ تعيين 55 نائباً بموجب المرسوم رقم 1307 (ملء المقاعد النيابية الشاغرة والمستحدثة)
إضافة إلى النواب الذين كانوا على قيد الحياة، حيث أصبح عدد مجلس النواب 108 موزع مناصفة
بين المسيحيين والمسلمين. ومن ثم رُفع عدد المقاعد إلى 128 مناصفة بين المسيحيين والمسلمين.
وبالعودة إلى تاريخ المجلس النيابي الثالث عشر، فقد ضرب الرقم القياسي
في الاستمرارية، حيث اعتُبرت كل أربع سنوات دوراً تشريعياً واحداً، على النحو الآتي:
- المجلس النيابي
الرابع عشر الذي مُدّد له مرتين، الأولى بموجب القانون رقم 1/76 ، والثانية بموجب القانون
رقم 3/78 إلى 30/6/1980، وقد استمر حتى حزيران 1980.
- المجلس النيابي الخامس عشر الذي مُدّد له مرتين،
الأولى بموجب القانون رقم 14/80 والثانية بموجب القانون رقم 9/83 1983، وقد استمر حتى
كانون الأول 1984.
- المجلس النيابي السادس عشر الذي مُدّد
له مرتين، الأولى بموجب القانون رقم 3/84 والثانية بموجب القانون رقم 11/86، وقد استمر
حتى كانون الأول 1988.
أما المجلس النيابي السابع عشر، فقد مُدّد له مرتين، الأولى بموجب القانون
رقم 25/87 والثانية بموجب القانون رقم 1/89، الذي مدد له حتى كانون الأول 1994. ولكن
هذا التمديد لم يبلغ مداه، فبتاريخ 16 تموز 1992 أُقرّ قانون الانتخاب الجديد واعتُبر
هذا المجلس محلولاً إعتباراً من تشرين الأول 1992، فكان المجلس النيابي الثامن عشر
من تشرين الأول 1992 وحتى تشرين الأول
1996.
وفي ما يخص المجلس النيابي
التاسع عشر، فقد انطلق عمله اعتباراً من تشرين الأول 1996 ولغاية تشرين الأول 2000، فيما استمرت ولاية المجلس النيابي العشرين حتى سنة
2005 بموجب تعديلٍ في قانون الانتخاب جعل ولاية
هذا المجلس أربع سنوات وثمانية أشهر لغاية 20/6/2005.
أما ولاية المجلس النيابي
الحادي والعشرين، فقد استمرت حتى سنة 2009، في حين تواصل عمل المجلس النيابي بموجب الولاية الثانية
والعشرين حتى سنة 2013.
قبل إنتهاء ولاية المجلس النيابي اللبناني الذي تم التمديد له مدة أربع
سنوات كاملة حتى 20 حزيران 2017، التئم البرلمان في 16 حزيران من العام
نفسه، وأقر قانوناً انتخابياً جديداً على أساس النظام النسبي، نصّ على انتهاء
ولاية مجلس النواب الحالي إستثنائياً في 21 أيار 2018.