المفتي قبلان في خطبة عيد الفطر المبارك: لن نقبل إلا بدولة مواطنة وكفاءات
تاريخ النشر 09:41 05-06-2019 الكاتب: إذاعة النور المصدر: "الوكالة الوطنية للإعلام" البلد: محلي
196

أدى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان صلاة عيد الفطر المبارك في مسجد الإمام الحسين (ع)، في برج البراجنة، بعدما ألقى خطبة العيد التي استهلها بالحديث عن معاني هذا اليوم المبارك.

 المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان
المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان

وقال المفتي قبلان في خطبة العيد: "نعم بمنطق الإقبال على الله، والإحسان لعبيده، والتصدق على فقرائه، والتعفف والتقوى، والتعقل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نخاطب دولتنا وحكومتنا وقادتنا، ونقول لهم: إن البلد في خطر، والناس في أسوأ حالاتهم على الإطلاق، جوع، وفقر، وبؤس، وتعاسة، وضرائب متراكمة، واستبداد، وإهمال، ودولة فاشلة ومتقاعسة، وغير قادرة على حماية عمالها، ومساعدة فقرائها، ومقصرة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وعلى مستوى كل الوزارات والإدارات والبلديات والهيئات الرقابية والقضائية، الأمر الذي جعل من المواطن اللبناني ضحية، يدفع من دون مقابل، وهو متروك للأقدار ولمصيره المجهول، فيما أكثرية السلطة قلوبهم على جيوبهم، على حساب البلد والناس، وهذا ما نرفضه بشدة، وسنواجهه حتى النهاية، ولن نسمح بأن تتكرر دولة الإقطاع، ومافيا المصالح، لأننا نحن اللبنانيين دفعنا الثمن، دماء وجنائز، ولن نقبل إلا بدولة مواطنة وكفاءات، لا دولة مرتزقة وشركات وهمية".

وقال المفتي قبلان إن "الإصلاح الحقيقي يبدأ بتسكير مزاريب الهدر، وباسترداد المال المنهوب، وبوقف التهريب والتهرب الضريبي، وبتقليص نفوذ السلطة وأخواتها، الذين يتشكلون من نادي حيتان المال، ومن الكيانات المالية المستبدة، وبخاصة مافيات الأملاك البحرية والنهرية، ولصوص المؤسسات في المطار والمرفأ وشركات الخلوي وأوجيرو والكازينو وشركات القوى المهيمنة التي تزرع أشخاصها وأزلامها في مراكز عقد الصفقات، والتحكم بمصير الدولة والناس ماليا واقتصاديا، الأمر الذي جعل معدل الفقر يتحول إلى كارثة وطنية، والبطالة تكاد تصبح قنبلة موقوتة، وسط نزوح سوري يعيش فوق القانون، ويحتكر قطاع العمل، ويشارك اللبنانيين لقمة العيش، وحبة الدواء، ومقعد الدراسة، ويستنزف اقتصاد الدولة، ويرهق خزينتها".

وأضاف: "إن الوقائع تتكلم، والمؤشرات توحي بأن لبنان لن يخرج من أزماته، ولن يتعافى، ولن يصل إلى مرتبة وطن، بكل ما تعنيه الكلمة من مواطنة، يعززها الولاء والانتماء، ومواطنين يعنيهم أمر بلدهم، ويهمهم أن يكونوا متعاونين متضامنين من أجل رفعة بلدهم وضمان أمنه واستقراره، لأننا كلبنانيين جمعتنا الهوية، ولكن فرقتنا الطائفية، وتحولت من نعمة إلى نقمة، بفعل الارتباطات والارتهانات المتعددة، والمكرسة بذهنيات سياسية، حكمتها المصالح والغايات الرخيصة، فجردتها من الأهلية الوطنية، وحالت دون بناء الدولة وفق معايير المساءلة والمحاسبة وتطبيق القانون، ما جعل اللبنانيين جميعا، منذ الاستقلال، ومرورا بكل الأحداث والحروب، حتى اتفاق الطائف، يعيشون في دولة الفوضى وعدم الاتزان، وتحت سلطة ووصاية أمراء الطوائف والمافيات السياسية والمالية التي صادرت الدولة، واستأثرت بمؤسساتها ونقاباتها واتحاداتها، ووزعتها على المحاسيب والمتنفذين، ما يعني أن واقعنا يكاد يكون ميؤوسا منه، وغير قابل للعلاج، طالما بقي هذا النظام، واستمرت هذه التركيبة السياسية، التي أثبتت أن الإصلاح معها عبثي وغير ممكن، مع كورس سمته التعطيل والانقسام، وكل ما يحكى عن وحدة وميثاقية وشراكة ما هو إلا خداع ونفاق".

وقال المفتي قبلان: "حاولنا أن نتفاءل بإقرار مشروع الموازنة على رغم كل الثغرات والتعديات التي طاولت أصحاب الحقوق من ذوي الدخل المحدود، وقلنا: عسى أن يكون في الأمر خير ونيات طيبة لتلاقي الجميع وتعاونهم على اجتياز هذه المرحلة الصعبة بأقل الأضرار الممكنة، ولكن للأسف الشديد، ما نشهده من مناكفات وصراعات ومراجل من هنا وهناك، قد يردنا إلى المربع الأول، وقد يقلب الطاولة على رؤوس الجميع، في الوقت الذي تتحدث فيه كل القيادات السياسية والاقتصادية والعمالية عن المخاطر الكبرى، والانعكاسات السلبية، على مالية الدولة ومصير البلد، الذي لم يعد يحتمل مثل هذه العنتريات، وهذا التضييع والتسويف للوقت، في خضم ظروف إقليمية ودولية حبلى بالتحديات والمفاجآت، التي قد ندفع ثمنها نحن اللبنانيين، نزوحا سوريا طويل الأمد، وتوطينا فلسطينيا إلى الأبد. فانتبهوا أيها اللبنانيون، وتعقلنوا أيها السياسيون، وبخاصة أولئك الذين اعتادوا على إثارة الحساسيات، وتحريك النعرات، وتجييش الغرائز لغايات شعبوية وفئوية، ولأهداف سلطوية شخصية، لهؤلاء نقول: كفى لعبا وتلاعبا بهذا البلد، كفى مغامرات وبهلوانيات، هناك واقع على الجميع أن يتعاملوا معه، بما يخدم الصالح العام، ويدفع نحو بناء الدولة التي تحفظ الحقوق وتوزعها على الجميع، على قاعدة من له حق يعطى، ومن عليه حق يؤخذ منه".