جدد فضيلة السيد علي فضل الله الدعوة إلى كل القوى السياسية لتحمل مسؤوليتها في إخراج البلد من الحال المتردي الذي وصل إليه،
وتوجه إلى المسؤولين في خطبة الجمعة بالقول: " إنكم مسؤولون عما وصل إليه البلد، وعليكم إخراجه مما وصل إليه، وأنتم قادرون على ذلك إن قررتم الخروج من حساباتكم الخاصة أو المذهبية أو الطائفية وكنتم أحرارا في مواقعكم، لا تنتظروا في ذلك إملاء من هنا وهناك. لا تضعوا المسؤولية على عاتق الشعب الذي ارتفع صوته من الألم والمعاناة، فالكرة ليست في ملعبه. بادروا إلى الاستجابة لصوت هذا الشعب الذي ائتمنكم على إدارة شؤونه وحل مشاكله، لتقطعوا الطريق على كل من يعمل في الليل والنهار لتجيير آلامه ومعاناته لحساباته الخاصة أو لمصالحه".
وأضاف السيد فضل الله: "إن المرحلة الصعبة التي يعيشها هذا البلد تفرض على الجميع، من القوى السياسية إلى المتواجدين في الساحات، أن يكونوا إيجابيين تجاه الحلول الواقعية، فالبلد لا يبنى بمنطق اللاءات من هنا وهناك، ولا بالشروط والشروط المضادة، ولا بالأسقف العالية، ولا بتعطيل مؤسسة هنا مقابل مؤسسة هناك، ولا بأن يرمي كل الكرة في ملعب الآخر، بل بمنطق التواصل والحوار للوصول إلى القواسم المشتركة والخروج من هذا النفق المظلم الذي يعيشه البلد، حتى لا يذهب في مهب رياح الآخرين، ولا يسقط الهيكل على رؤوس الجميع".
وقال: "لقد أصبح واضحاً أن هناك في هذا العالم من ينتظر البلد حتى يصل إلى حافة الانهيار حتى يأتي ليقول: نخرجكم من الانهيار شرط أن تقدموا التنازلات من حسابكم وحساب الوطن. إن البلد بحاجة إلى الإيجابيين وإلى المضحين الذين يضحون بحساباتهم لحساب وطنهم، ونأمل أن نراهم في هذه المرحلة. ويبقى لنا كلمة نتوجه بها إلى الإعلام، الذي بات سلطة فاعلة وحاسمة قادرة على صنع الأحداث وحتى الثورات، والذي يتجاوز في تأثيره كل السلطات. إننا إذ نقدر دوره في الإضاءة على مواقع الضعف في الأداء السياسي ومكامن الهدر والفساد، وهو الذي شكل صوتاً للمواطنين ومعبراً عن معاناتهم، ولكننا في الوقت نفسه، نريد له أن يتحسس مسؤوليته جيداً، وأن يأخذ في الاعتبار في الأداء والأسلوب الحساسيات الطائفية والمذهبية وغيرها في بلد تتأجج فيه هذه الحساسيات، وأن يكون حريصاً على اعتماد العقلانية والموضوعية والعدالة وعدم الارتهان لأحد. إننا مع حرية الإعلام، لكنها الحرية الواعية والمسؤولة والحكيمة لحساب الوطن لا على حسابه".
وتابع: "وإلى فلسطين، حيث تستمر معاناة الشعب الفلسطيني بفعل الاحتلال الصهيوني الذي لا يزال يستبيح الأرض والمقدسات والبشر والحجر.. في الوقت الذي يستمر الدعم الأمريكي له والتبرير لاعتداءاته على حساب الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه.. وكان آخر تعبير عن ذلك شرعنته للمستوطنات في الضفة الغربية واعتبارها حقا لهذا الكيان.
إننا في الوقت الذي ندعو إلى الوقوف مع هذا الشعب في صموده، ندعو إلى رفع الصوت عاليا في وجه الإدارة الأمريكية لتكف عن دعمها لهذا الكيان المستمر في غطرسته وعدوانه، وهي مسؤولية تقع على عاتق كل الشعوب العربية والإسلامية".
وختم السيد فضل الله بالقول: "وفي يوم الاستقلال، نتوجه إلى اللبنانيين جميعاً بالتهنئة بهذا اليوم، وهم مدعوون إلى أن يكونوا أوفياء لكل الدماء التي بذلت من أجل استقلال هذا البلد طوال المراحل السابقة حتى الآن، وأن يحموا هذا الاستقلال من كل الذين يريدون المس به، مستفيدين من الأزمات التي تعصف به والتوترات التي تحصل بين أبنائه".