وإن أتت على يدّ قناص غادر اقتنص فرصة صعودها إلى الشرفة ربما لتتفقد ابنتها الصغرى التي كان من المفترض أن تعود من المدرسة، فعاجلها برصاصةٍ أصابت رأسها فسقطت شهيدة، نعم الشهيدة مريم نالت مرتبة العاشقين ومرتبة الشهيدة المظلومة، هي التي أمضت عمرها ملتزمة مؤمنة، إلا أنها تركت عائلة، زوجاً وخمسة أبناء يحتاجونها، كما تركت إخوة ووالدة، والدة متألمة على فلذة كبدها لكنها متماسكة.. تماسكُ المؤمنِ والمسلِّم لله. تقول والدتها:"مريم منذ طفولتها تربّت في المسجد وهي مؤمنة تربّت على التكليف والخط الصحيح، حتى نشأ أولادها مجاهدين، وهي إبنة حسّاسة وعطوفة وسموحة وحنونة"..

حال زينب ابنتِها يعرفه من خسر يوماً أماً، هي التي تزوجت قبل أيامٍ قليلة، وتشعر بثقل الفقد والمسؤولية، وتقول مريم إن أمها أبكرت الرحيل جدًا. عشرون عامًا عاشتها زينب مع والدتها الشهيدة التي خلّفت برحيلها مسؤولية كبيرة وطفلة عمرها خمس سنوات..

أما شقيقة مريم وعلى رغم الألم الكبير، فتؤكد عدم السماح بتنفيذ أجندات الآخرين قائلةً:"نحن نتألم ولكن الهدف الأساس هو مواجهة الفتنة التي كانوا يريدون الوصول إليها، نحن نمتلك هدفًا ولدينا مقاومة وخط يفوق الفقد، ونقول لهم إن مشروعهم لم ولن يتحقق".

الإبنة الصغرى لمريم لم تعرف بعد مصير أمها، هي التي لم تستطع استقبالها بالأمس أثناء عودتها من المدرسة، خافت عليها العائلة من الصدمة فأرجأت إخبارها بشهادة أمها وتذرعت بأن مريم سافرت، هي سافرت بالفعل ولكن إلى جوار ربٍّ كريم عطوف، إلا أن الحقيقة الأكيدة هي أن مريم لن تستقبل ابنتها الصغرى مرة جديدة عند الباب.