معركة الأمعاء الخاوية.. مسيرة من النضال الفلسطيني تؤرّق الاحتلال
تاريخ النشر 11:45 19-11-2021 الكاتب: إذاعة النور المصدر: وكالات البلد: إقليمي
615

عادت قضية الإضراب عن الطعام إلى  الواجهة مجدداً بعد شروع مجموعة من الأسرى الفلسطينيين بمعركة الأمعاء الخاوية، يواصل أربعة منهم حتى الآن إضرابهم المفتوح عن الطّعام داخل سجون الاحتلال، احتجاجاً على اعتقالهم الإداري.

معركة الأمعاء الخاوية.. مسيرة من النضال الفلسطيني تؤرّق الاحتلال
معركة الأمعاء الخاوية.. مسيرة من النضال الفلسطيني تؤرّق الاحتلال

فلماذا يضرب الأسير عن الطعام؟ وما هي المخاطر التي تحيط بالأسير أثناء خوضه لمعركته؟

الإضراب المفتوح عن الطعام أو ما يعرف بـ "معركة الأمعاء الخاوية"، كما يعرفه مركز المعلومات الفلسطيني هو امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناول الأسرى باستثناء الماء وقليل من الملح، وهي خطوة نادراً ما يلجأ إليها الأسرى؛ إذ أنها تعتبر الخطوة الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها المعتقلون لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة – جسدية ونفسية- على الأسرى وصلت في بعض الأحيان إلى الاستشهاد.

الاعتقال الإداري إرث الاحتلال البريطاني

يعتبر الاعتقال الإداري أحد الأسباب التي تدفع الأسير إلى خوض معركة الإضراب عن الطعام، ويعرّف الاعتقال الإداري على أنه إعتقال  دون توجيه اتهامات، وبدون محاكمات ودون إدانات، وجميعها تستند إلى معلومات سرية لا يمكن للمعتقلين الوصول إليها. ويمكن للاحتلال "الإسرائيلي" احتجاز المعتقلين الفلسطينيين لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد والتمديد إلى أجل غير مسمّى. ويحتجز الاحتلال أكثر من 500 فلسطيني إدارياً من  بينهم أطفال.

وتستخدم حكومة العدو "الإسرائيلي" الاعتقال الإداري كوسيلة للسيطرة السياسية منذ بداية احتلال الأرض الفلسطينية في عام 1967، كما  استخدمت إدارة الانتداب البريطاني هذه الوسيلة في فلسطين للمرة الأولى في ثلاثينيات القرن الماضي.

هل الاعتقال الإداري ما يدفع الأسير إلى الإضراب فقط؟

ليس الاعتقال الاداري فقط ما يدفع الأسرى لخوضهم معركة الأمعاء الخاوية. فقد جرت أول تجربة فلسطينية لخوض الإضراب عن الطعام في السجون "الإسرائيلية"، في سجن نابلس في أوائل عام 1968، حيث خاض المعتقلون إضراباً عن الطعام استمر لمدة ثلاثة أيام؛ احتجاجاً على سياسة الضرب والإذلال التي كانوا يتعرضون لها على يد الجنود "الإسرائيليين"، وللمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية والإنسانية. 

ثم توالت الاضرابات عن الطعام كإضراب سجن الرملة  وكفار يونا (1969)، إضراب السجينات الفلسطينيات في سجن نفي ترستا وإضراب سجن عسقلان (1970)، والإضراب المفتوح عن الطعام عام 1976، والذي انطلق من سجن عسقلان؛ لتحسين شروط الحياة الإعتقالية.

ومن أبرز الاضرابات التي خاضها الأسرى، إضراب 25/9/1992، الذي شمل معظم السجون. وشارك فيه نحو سبعة آلاف أسير، واستمر (15) يوماً. فبعد فشل إضراب نفحة عام 1991، بدأت السجون كلها بالتحضير لإضراب شامل لكل الأسرى في سجون الاحتلال، وأمام هجمة إدارة السجون الشرسة على الأسرى استمرت التحضيرات قرابة عام كامل، حيث بدأ الإضراب يوم 25 أيلول (سبتمبر) 1992 في غالبية السجون المركزية وتضامن بعض المعتقلات.

انتهى الإضراب بنجاح كبير للأسرى وقد اعتبر هذا الإضراب من أنجح الإضرابات التي خاضها الأسرى الفلسطينيون من أجل الحصول على حقوقهم، حيث تم تحقيق الكثير من الإنجازات الضرورية، مثل إغلاق قسم العزل في سجن الرملة ووقف التفتيش العاري وإعادة زيارات الأقسام وزيادة وقت زيارة الأهل والسماح بالزيارات الخاصة وإدخال بلاطات الطبخ إلى غرف المعتقلات وشراء المعلبات والمشروبات الغازية وتوسيع قائمة المشتريات في الكانتينة، بالإضافة  إلى إضراب 2012، حيث طالب الأسرى بإلغاء العزل الانفرادي، الحد من سياسة الاعتقال الإداري، السماح بالزيارات لأسرى غزة، وإلغاء قانون شاليط، وإضراب الحرية والكرامة (2,1) عام 2017 و عام 2019.

التغذية القسرية.. همجيّة الاحتلال في سبيل إجهاض إضراب الأسير

ورغبة بكسر الإضراب ومنعا لإحراجه أمام المجتمع الدولي، يلجأ الاحتلال "الإسرائيلي" إلى التغذية القسرية.

وتعرَف التغذية القسرية على أنها إعطاء الغذاء عبر أنبوب بلاستيكي يدخل من خلال الأنف بعد أن يتم تكبيل المعتقل على كرسي لإجباره على عدم التحرك، حيث يصل الأنبوب إلى المعدة عبر المريء، أو يحقن الغذاء مباشرة إلى مجرى الدم. وقد استخدم هذا الأسلوب من قبل في معتقل غوانتامو.

وتعتبر التغذية القسرية من أخطر الوسائل على حياة الأسير  فقد تؤدي به الى مضاعفات صحية خطيرة كالاختناق والنزيف الداخلي والخلل في ضغط الدم. وبين عامي 1970 و1983، استشهد أربعة أسرى فلسطينيين خلال محاولة سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تغذيتهم قسراً، ما تسبب لأحدهم في نزيف أدى إلى استشهاده، في حين استشهد الأسيران الآخران نتيجة الاختناق واستشهد الرابع اثر مضاعفات التغذية .

وقد شرع الاحتلال هذا الأسلوب عام 2015 بإصداره قانوناً يسمح لمصلحة السجون بتغذية الأسير المضرب عن الطعام قسرا رغم مخالفة إرادته.