
أعلن وزير الإعلام جورج قرداحي، خلال مؤتمر صحفي عقده في مكتبه في الوزارة، إستقالته من الحكومة.
واستهل الوزير قرداحي مؤتمره بالقول: "شكراً لتلبيتكم هذه الدعوة العاجلة التي لها علاقة بالمطالبة باستقالتي من الحكومة".
وأضاف: "قصتي أصبحت معروفة، ولا أعتقد بأن هنالك من داعٍ لتكرار تفاصيلها والتطورات التي رافقتها منذ بثّ تلك المقابلة المشهورة في إحدى المحطات الخارجية... ولا اعتقد بأن هناك من داع للتذكير بأن المقابلة كانت قد أجريت معي قبل أكثر من شهر من تعييني وزيراً للاعلام، وبأن ما ورد فيها من مواقف لا تلزم الحكومة بشيء، كما انني لم أقصد في كلامي عن حرب اليمن الاساءة لأحد، بل كانت دعوة صادقة من القلب الى وقف هذه الحرب لمصلحة الاطراف كافة. تلك المقابلة بُثّت، بعد ثلاثة أشهر من إجرائها، وعلى الفور فتحت عليّ حملة شعواء ومقصودة في بعض الإعلام اللبناني وفي بعض المواقع الإلكترونية، وفي وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر ما قلته جريمة بحق السعودية، وسرعان ما انتقلت هذه الحملة إلى الخليج ووسائله الإعلامية".
وتابع قرداحي: "لا أخفيكم بأن هذه الحملات المسعورة التي تضمّنت الكثير من التحامل والتجنّي والتطاول عليّ وعلى عائلتي أزعجتني في الشخصي وأزعجتني في مشاعري تجاه أناسٍ أحبّهم في السعودية وفي الإمارات وفي دول الخليج، ولم يكن بيني وبينهم إلا المحبّة والتقدير والإحترام والوفاء.. وأزعجتني أكثر، لأنه وبسبب هذه الحملة اللاخلاقية، والمؤذية باشرت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الفور إجراءات مقاطعة ديبلوماسية واقتصادية وتجارية بحق لبنان، وطالبت باستقالتي من الحكومة. أزعجتني أكثر وأكثر، لأنها تسببت بحالٍ من القلق لدى إخواني اللبنانيين في دول الخليج الذين خافوا على أعمالهم وإقاماتهم ومصالحهم في تلك الدول. وما أزعجني فوق كلّ ذلك أنه كيف يمكن تحميل شعب بكامله مسؤولية كلامٍ قلته بحسن نيّة وصدق ومحبة. لذلك، وجدتُ من المنطقي والواجب الوطني أن أرفض الإستقالة تحت هذا الضغط الهائل وهذا التحامل الجائر، وهذا الظلم المتعمّد".
وقال قرداحي: "رفضت الإستقالة لأقول إن لبنان أولاً لا يستحق هذه المعاملة، وثانياً لأقول انه، ولو كان يمر بصعوبات كبيرة ولو كان يبدو للأشقاء أنه دولة ضعيفة، إلا أن فيه شعباً له كرامته وعزّة نفسه واستقلاله وحريته وسيادته. للأسف، أكثر الذين تحاملوا عليّ في لبنان من سياسيين وإعلاميين هم الذين رفعوا في وقت من الأوقات شعار: الحرية والسيادة والاستقلال".
وأضاف: "المهم، إستقالة جورج قرداحي تصدّرت منذ أكثر من شهر الأخبار الرئيسية في الإعلام اللبناني. كل يوم.. كل ساعة.. ربما سياسيون وإعلاميون ومعلّقون يطالبونني بالاستقالة، لأنهم يرون فيها (عن قناعة أولا) مصلحة لبنان واللبنانيين..وكل يوم، وكل ساعة ربما، سياسيون واعلاميون ومراقبون يطالبونني بعدم الاستقالة لانهم يعتبرون ذلك موقفا وطنيا مشرفا وسياديا ومرتبطا بالكرامة الوطنية".
وتابع: "أما الناس، وبكل صراحة وصدق، بأكثريتهم، هنا في لبنان، وفي جميع انحاء العالم العربي، فكانوا يطالبون بعدم الاستقالة. وعندي مئات القصائد، وآلاف الرسائل بهذا المعنى. وسط كل ذلك، أين نحن اليوم؟.
وقال: "نحن اليوم أمام تطورات جديدة. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ذاهب الى السعودية بزيارة رسمية، وقد فهمت من السيد رئيس الحكومة الذي قابلته، قبل يومين بناء على طلبه، بأن الفرنسيين يرغبون في ان تكون هناك استقالة لي، تسبق زيارة الرئيس ماكرون الى الرياض، وتساعد ربما على فتح حوار مع المسؤولين السعوديين حول لبنان، ومستقبل العلاقات اللبنانية السعودية. تشاورت مع الوزير فرنجية، ومع جميع الحلفاء حول هذا الامر، وتركوا لي حرية اتخاذ الموقف المناسب".
وأضاف الوزير قرداحي: "لذلك، وبعد التفكير العميق، وحرصا مني على استغلال هذه الفرصة الواعدة، والمتاحة، مع الرئيس ماكرون، دعوتكم اليوم لاقول بأنني لا اقبل بأن استخدم سببا لأذية لبنان واخواني اللبنانيين، في المملكة العربية السعودية وفي دول الخليج الاخرى. وبين ان يقع الظلم والأذية على اهلي في لبنان، ودول الخليج، وبين ان يقع علي انا، فضلت ان اكون انا، فمصلحة بلدي واهلي واحبائي هي فوق مصلحتي الشخصية".
وأكد قرداحي أن "لبنان هو أهم من جورج قرداحي، ومصلحة اللبنانيين أهمّ من موقع وزاري، لذلك قررت، التخلي عن موقعي الوزاري، على ان اظل في خدمة وطني، حيثما اكون". وقال: "أتمنى للحكومة التي استقيل منها التوفيق والنجاح كما اتمنى افضل العلاقات بين لبنان ومحيطه العربي، القريب والبعيد وخاصة مع دول الخليج".
وقال: "وفي الختام، أتوجّه بتحية شكر خالصة الى الوزير الفارس والاخ الحبيب سليمان فرنجية على ثقته بي ومحبته وشهامته، وليعذرني اذا تسببت له بأي جرح ولن يصح الا الصحيح. كما اتوجه بالتحية الحارة الى الحلفاء والاصدقاء الذين وقفوا الى جانبي بكل ثقة واخلاص ووطنية. اما احبابي في لبنان والعالم العربي، الذين دعموا موقفي السيادي فأقول لهم انني لم اخذلهم ولن اخذلهم وانا واثق بأنهم سيتفهمون موقفي الوطني، النابع من حرصي على مصلحة بلدي واهل بلدي، كما هو حرصي على سيادته واستقلاله".
وتابع: "أمّا حرب اليمن التي تسبّبت لنا بكل هذه الأزمة، فلن تستمر الى الابد وسيأتي يوم، يجلس فيه المتحاربون على الطاولة ويتصافحون ويوقعون سلام الشجعان، عندئذ ارجو ان يتذكروا انه ذات يوم قام رجل من لبنان، ودعا الى وقف تلك الحرب، محبة باليمن واهل اليمن... ومحبة بالسعودية واهل السعودية، ومحبة بالامارات واهل الامارات... ومحبة بلبنان، واهل لبنان ... ومحبة لجميع العرب. شكرا لكم احبائي الاعلاميين على حضوركم. عشتم وعاش لبنان".