
عمد كيان الاحتلال "الإسرائيلي"، منذ النكبة عام 1948، إلى استخدام سياسة الاعتقال الإداري، مستندًا إلى قوانين "الطوارئ" البريطانية.
ويُعرّف الإعتقال الإداري على أنه اعتقالٌ دون تهمة أو محاكمة يستند إلى ملف سري مزعوم ملفّق من قبل "الشاباك".
ولا تقتصر خطورة الإعتقال الإداري على كونه اعتقالاً تعسفيًا، فهو يُستخدم كإجراء عقابي جماعي ضد الفلسطينيين وذويهم وكوسيلة تعذيب نفسي متواصل، فالمعتقل الاداري يُحتجز لمدة لا تقلّ عن ستة أشهر يتم تجديدها المرة تلو الأخرى، وقد تتجاوز عشر سنواتٍ أحيانًا، ليعيش المعتقلون حتى بعد الافراج عنهم هاجس توقيت المرة التالية من الاعتقال. ففي العام 2021 وحده، تم إصدار 1595 أمر اعتقال إداري بحق الفلسطينيين.
ولمواجهة هذه السياسة التعسفية، يلجأ المعتقلون الفلسطينيون عادة إلى الإضراب عن الطعام، سواء جماعيًا، كما هو حال الإضراب المُنفّذ في عاميْ 2012 و 2014، أو فرديًا. وتعتبر معركة الأمعاء الخاوية من أنجح أساليب المقاومة في وجه الاحتلال "الإسرائيلي"، وآخر الشواهد على ذلك نجاح الإضراب الذي خاضه مؤخراً الأسرى الفلسطينيون الثمانية، وعلى رأسهم الأسير هشام أبو هواش، واعتراف العدو "الإسرائيلي" بالهزيمة التي لحقت به جراء انتصاره. فكيف يكرس هذا الانتصار مرحلة جديدة في المواجهة مع العدو، ولماذا يمكن اعتباره جدوى مستمرة بالنسبة إلى المعتقلين الإداريين والأسرى؟
الإضراب عن الطعام يمنع تجديد الإعتقال الإداري ويقلّص عدد المعتقلين
في هذا المعرض، يقول الأسير المحرر ماهر الأخرس، أحد أبرز وجوه معركة الأمعاء الخاوية، لإذاعة النور: "رغم صعوبة الإضراب عن الطعام، فإن هذا الأسلوب يجنّب الأسير احتمال اعتقاله مرة أخرى، فهو من جهة يحرّض الأسرى داخل السجون، ومن جهة ثانية يحرّض الشعب الفلسطيني على المواجهة".
هذا ما يؤكده أيضًا الأسير المحرر مالك القاضي، لافتاً إلى أنه رغم تعرّض الأسير للتغذية القسرية والمضاعفات الصحية التي تنجم عنها، فإن "قرار الإضراب عن الطعام يشكّل أحد أبرز القرارات التي لطالما أزعجت الكيان الصهيوني ومصلحة السجون والشاباك في آن واحد".
ويؤكد القاضي لإذاعة النور أن "القرار بعدم التراجع الذي يمضي به الأسير رفضًا للاعتقال الإداري، يجبر الشاباك على إعادة النظر في من يعتقل، ما يقلص عدد المعتقلين".
ويلفت القاضي إلى أن "مصلحة السجون تعي أنه في حال اعتقال الأسير المضرب عن الطعام مرة أخرى، فإنه حتمًا سيعيد الكرّة، ما يعرضه إلى الخطر وصولاً إلى الإستشهاد، لكونه منهكًا صحياً جرّاء تجربة الإضراب الأولى، وهو ما سيؤدي حتماً إلى انفجار الشارع الفلسطيني. وعلى صعيد أعمق، يجبر هذا القرار مصلحة سجون الإحتلال على الذهاب بسياساتٍ حوارية مع قادة وممثلي الفصائل في السجن، بدلاً من فرضها قرارات تعسفية مطلقة".
الإنتصار في معركة الأمعاء الخاوية جدوى مستمرة
وعن تأثير انتصار الأسير على الصعيد الشخصي، يشير الأسير المحرر مالك القاضي إلى أنه عند تنقلّه بين المناطق، في ظل الإجراءات "الأمنية" الروتينية التي ينفذها الإحتلال عند الحواجز، يتم تجنّبه والسماح بمروره فوراً دون تدقيق، كونه خاض تجربة الإضراب عن الطعام في الأسر، ويضيف: "هذا ما يشعرني بالعزة والفخر الشديدين، ويعني أنني فعلاً آلمتهم وحققت انتصاراً كبيراً".
وفي معرض حديث الأسيريْن عن سبل المواجهة في الأسر، يؤكدان أن الإضراب عن الطعام أثبت نجاعته كأسلوبٍ في المقاومة له جدوىً مستمرة، إضافة إلى مقاطعة الأسرى الإداريين محاكم الاحتلال العسكرية، "فهذا العدو لا يفقه إلا لغة القوة والمقاومة".