
قال رئيس "تيار الكرامة" الوزير السابق فيصل كرامي، في كلمة بمناسبة الذكرى السنوية الـ 35 لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي: "لم أعد اعرف عدد المرات التي جرى فيها اغتيال شهيد لبنان رشيد كرامي،
منذ الاول من حزيران عام ١٩٨٧ وحتى اليوم. لقد اغتالوه عندما أنجزوا اتفاق الطائف وطبّقوا بدلاً عنه اتفاق الطوائف. لقد اغتالوه عندما أتاحوا للميليشيات فرصة الإفلات من العقاب تحت شعار عفّا الله عما مضى، ثم أتاحوا لها ايضاً السطو على مؤسسات الدولة. لقد اغتالوه عندما خطفوا الطائفة السنّية واخذوها الى ما يخالف هويتها وتاريخها ونضالاتها، وقزّموها وهي الأمة. لقد اغتالوه يوم أخرجوا قاتله من السجن بعفو صادر عن مجلس النواب هو بكل المقاييس عفوٌ غير قانوني وغير شرعي".
وأضاف: "لقد اغتالوه عندما ظلموا مدينته وحرموها وهمّشوها وجوّعوها وتعاملوا معها كلوائح شطب وخزّان اصوات في الانتخابات وكساحة معارك وتصفية حسابات وتبادل رسائل متسببين بوقوع مئات القتلى والجرحى فضلاً عمّا لحق بالمدينة من اضرارٍ طالت ارزاق الناس وادّت الى شلل الحياة الاقتصادية وشوّهت سمعة طرابلس. لقد اغتالوه في كل مرة مدّوا فيها أيديهم الى المال العام، ليكرّسوا نهج النهب والفساد والسرقات. لقد اغتالوه عندما قضوا على صيغة العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، وانتهجوا سياسة الغالب والمغلوب، وابتدعوا أعرافاً غير دستورية تحوّل لبنان إلى دويلات مذهبية هي فعلياً اخطر من التقسيم واخطر من الفيديرالية، وتهدد بزوال لبنان. لقد اغتالوه قبل اسابيع قليلة في قارب الموت الذي يحمل عدداً من أبناء طرابلس الفارّين من الفقر والجوع والذلّ الى شواطئ الله الواسعة، فماتوا غرقى في قاع البحر، ولا زالوا حتى اللحظة في قاع البحر، لأن الدولة منشغلة بأمور اخرى ليس من بينها حياة المواطن وكرامة الانسان. ثم اغتالوه في اقذر واوسع عملية شراء للذمم والضمائر خلال الانتخابات النيابية الاخيرة، لكي يمكّنوا سمير جعجع من غزو طرابلس بنائب عنها وعن اهلها في البرلمان".
ثم توجّه كرامي إلى رئيس "القوات" سمير جعجع قائلاً : "لا المال مهما امتلكت منه ولا القلاع والقصور في معراب او غير معراب، ولا عدد النواب الذين اشتريت مقاعدهم بالمال والكذب والتحريض، ولا العفو الصادر عن مجلس النواب، ولا شيء تحت هذه السماء بوسعه ان يمنحك البراءة وينزع عنك صفة القاتل والمجرم".
وقال: "لم تكن طرابلس يوماً مقراً او ممراً للعملاء أصحاب المشاريع والمخططات المدمرة للبنان، واليوم أيضاً أؤكد لكم لن تكون طرابلس مقراً او ممراً لهؤلاء حتى لو كانوا برتبة نواب"، وأضاف: "لقد تعرّضت خلال المنافسة الانتخابية الى عمليات اغتيال معنوي على كل المستويات. لقد لفقوا الحكايات والأضاليل، لقد زوّروا التاريخ والوقائع، لقد اتهموني بما هو فيهم من تبعية وعمالة، وكان واضحاً أن الاستهداف يطالني بشكل مباشر سواء من اللوائح الوقحة او من اللوائح المستترة، واضيف اليهم السيد دايفيد شينكر الذي أحبّ ان يخوض في زواريب مدينتنا وحاراتها ويفتي في ما لا يفقه فيه".
وتابع: "ولأن العارفين بما ارتكبوه في حقي من تزوير صريح ومثبت، يدركون حجم فعلتهم، فإن هذه الحملات لا تزال مستمرة، وكل يوم اضطر لتكذيب شائعات وأضاليل تتناول مؤسساتنا لأنها أصلاً مؤسسات وجدت لخدمة الناس، كل الناس". وأضاف كرامي: "وقد تسألون ايضاً عن الاتجاهات التي سأسير بها بعد نتائج الانتخابات المليئة بالشوائب والثغرات والاخطاء والتزوير. وسريعاً اقول لكم، انا لن اتغيّر ولن اتبدل، وسأظل منحازاً للدولة رافضاً ان تتحول الى دويلات، وعلينا ان نصون فعلاً هذه الدولة لكي نحميها من الانهيار ومن الزوال. كما سأظل منحازاً للعملية الديمقراطية رغم علمي انها ديمقراطية يشوهها قانون انتخابات مخالف للدستور ويستبطن في خفاياه وخصوصاً في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية، يستبطن بعداً تقسيمياً لم ينتبه له واضعو هذا القانون.
سأظل منحازا للعملية الديمقراطية رغم علمي ان الدولة مصرّة على ادارة هذه الانتخابات بأساليب بدائية تشبه حسابات الدكنجي، وان هذا الاصرار يخفي شبهات محقة تهدف الى تسهيل عمليات التزوير والتلاعب وتطفيش الناخبين عموماً والاجيال الجديدة خصوصاً من هذه الديمقراطية البدائية المتخلفة. سأظل ايها الاخوة حيث انا وآبائي واجدادي وكل الشرفاء، صلباً في لبنانيتي، ثابتاً في عروبتي، ومخلصاً لقضية العرب الاولى والمركزية وهي تحرير فلسطين ومقدساتنا كمسلمين ومسيحيين من الاحتلال الصهيوني. سأظل مؤمناً ان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة. سأظل ايها الاخوة مؤمناً بحتميات التاريخ والجغرافيا لأن السير عكس هذه الحتميات هو كالسير عكس القدر، وقد جرّب اللبنانيون ولا زالوا يجربون ذلك منذ مئة عام، ودائما يصلون الى الحائط المسدود الذي يهدد وطنهم بارتطام لا قيامة من بعده. وسأظل منادياً بالحوار ولو دام الف عام كوسيلة وحيدة لتنظيم الخلاف بين اللبنانيين حول كل القضايا التي تتصل بوطنهم".
وقبل الختام، قال كرامي: "نقول لشهيدنا الكبير رشيد كرامي في ذكراه بأننا على العهد باقون، وعلى النهج ثابتون، واننا لم نسامح ولن ننسى مع التأكيد بأننا لسنا طلاب انتقام وانما طلاب عدالة".