
دخل السودان، السبت، في مواجهة داخلية عسكرية واسعة طرفاها الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السياد ةعبد الفتاح البرهان ووحدات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
يأتي ذلك بعد اندلاع اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش في مناطق متفرقة من الخرطوم، ومحيط قاعدة مطار مروي، وشارع النيل، في وقتٍ سابق اليوم.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية إنّ القوات "لم تبدأ العدوان، وما حدث هو أنّ قواتنا هي التي تعرضت للهجوم من القوات المتمردة"، وأضاف أنّ "أفراد الجيش لا يسعون لتحقيق أي مكاسب شخصية"، مؤكّداً أنّهم "سيواصلون عملهم بكفاءة ومهنية ووطنية".
وتابع: "سنتصدى لأي محاولة غير مسؤولة، ونأسف لوصول بلادنا إلى هذه المرحلة بسبب أطماع شخصية لقيادة المتمردين"، مشدداً على أنّ لا مستقبل للبلاد "إلاّ في ظل جيش واحد تحت قيادة عسكرية منضبطة".
وأشارت القوات المسلحة إلى أنّ السودان "لم يكن ليصل إلى هذه المرحلة لو تخلت قوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) المتمردة عن أطماعها الشخصية".
بالتزامن، وجّه رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك رسائل إلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وشعب البلاد والمجتمع الدولي، دعا فيها إلى وقف إطلاق النار فوراً ورفض الاقتتال، محذراً من توسيع نطاق النزاع إلى حرب إقليمية.
وقال حمدوك في كلمة مصورة بثها عبر موقع "تويتر": "رسالتي الأولى إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وقادة الجيش السوداني وإلى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.. يجب أن يتوقف الرصاص فوراً، ويجب أن يُحكّم صوت العقل، فالخسارة ستكون من نصيب الجميع ولا يوجد منتصر على جثث شعبه".
وأضاف: "رسالتي الثانية إلى الشعب السوداني أن يزداد تماسكاً وأن يكون هناك تلاحم بين مكونات المجتمع وخطاب رفض الاحتراب هو السائد، وألاّ يتم السماح لصوت إذكاء الحرب بالسيطرة".
وتابع حمدوك: "رسالتي الثالثة إلى المجتمع الإقليمي والدولي ومحبي السلام العالمي أن يقوموا بواجبهم في الحل وتهدئة الأطراف المتقاتلة، فالحرب في السودان تعني الحرب في الإقليم، ولا يزال الحل السلمي ممكناً".
في غضون ذلك، أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على مواقع عسكرية بالفاشر غربي البلاد، تشمل سلاح الإشارة والسلاح الطبي والمطار، واعتقلت عدداً من القوات المصرية داخل قاعدة مروي.
كذلك، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على قيادة اللواء الأول مشاة، مشيرةً إلى أنّها "أحكمت إغلاق كل المنافذ جنوبي الخرطوم".
وفي السياق، أكّد المتحدث العسكري المصري أنّ القوات المسلحة المصرية تتابع من كثب الأحداث الجارية داخل الأراضي السودانية وفي إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم في السودان.
وأضاف أنّه يجري التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية، كما تهيب القوات المسلحة المصرية الحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت سيطرتها على القصر الجمهوري، وبيت الضيافة، ومطارات الخرطوم، ومروي والأبيض ومواقع في الولايات السودانية. فيما قالت مصادر للميادين إنّ "الجيش السوداني لم يؤكد سيطرة قوة من الدعم السريع على مطار الخرطوم".
وأفادت نقابة الأطباء في السودان بسقوط 3 قتلى مدنيين في معارك السودان بينهم اثنان في الخرطوم.
وذكرت الخطوط الجوية السعودية تعرّض إحدى طائراتها لإطلاق نار في مطار الخرطوم في أثناء تجهيزها لرحلة العودة وعلى متنها الطاقم والركاب.
وتدور المواجهات الآن بين الفريقين حول مبنى وسائل الاعلام التابعة للدولة بهدف السيطرة عليها، فيما انقطع إرسال التلفزيون بعد أن ظل ضعيفاً لبعض الوقت.
وطالبت الأمم المتحدة والجامعة العربية وواشنطن وموسكو بوقف "فوري" للقتال في السودان. أمّا الجارة القوية مصر فدعت الطرفين الى "التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس".
وفي السياق، توقّع عضو المكتب السياسي في حزب الأمة القومي السوداني محمد مُركز خريف استمرار الاشتباكات لأنّ "الصراع وصل إلى مرحلة كسر العظم".
وتبادلت قوات الدعم السريع والجيش في بياناتهما الاتهامات بمهاجمة قواعد تابعة لكل منهما.
واتهم الجيش السوداني الدعم السريع المسلحة بمهاجمة الكثير من قواعده في الخرطوم ومناطق أخرى، بُعيد إعلان تلك القوات مهاجمة الجيش لمعسكراتها.
ونقلت مواقع سودانية عن الناطق باسم الجيش السوداني قوله إنّ "الأوضاع هادئة في مقر القيادة العامة، والقتال يدور حول بعض المرافق الإستراتيجية".
وأضافت المصادر أنّ "الخرطوم الآن محاصرة من كل الجهات ما يعني صعوبة إدخال المواد الغذائية للسكان".
وقبل أيام، حذّر الجيش السوداني من انتشار قوات الدعم السريع في الخرطوم وبعض المدن، لافتاً أنّ تلك التحركات تمت من دون موافقة قيادة القوات المسلحة ومن دون أي تنسيق معها.
في المقابل، أكدت قوات الدعم السريع، التي تعمل تحت قيادة حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري، أنّها تنتشر في جميع أنحاء البلاد في إطار واجباتها العادية.
وأعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان إرجاء توقيع الاتفاق السياسي النهائي بين الأطراف السودانيين المعروف بـ "الاتفاق الإطاري" الذي كان مقرراً في 6 نيسان/أبريل الجاري، حتى انتهاء المباحثات بين اللجان الفنية العسكرية من صياغة التوصيات النهائية من أعمال الإصلاحات الأمنية والعسكرية.
وتهدف العملية السياسية الجارية حالياً في السودان إلى حلّ أزمة ممتدة منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، حين فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها حلّ مجلسي السيادة، وإعلان حالة الطوارئ.