
أكَّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عودة الأهالي السريعة إلى قراهم في 14 آب رغم التهديدات الاسرائيلية والقنابل العنقودية والدمار ثبّت الانتصار العسكري في وجه العدوان الصهيوني.
وبمناسبة الذكرى السنوية السابعة عشرة للانتصار في حرب تموز، أشار السيد نصر الله إلى أنَّ "هذه العودة عبرت عن ثبات شعبنا وخياره الحاسم المتمسك بالمقاومة وقد أسقط ما كان يُحاك ما بعد 14 آب من خطط لابعادهم عن المقاومة".
وقال سماحته: "نحن في هذه الحرب شهدنا بأم العين المصاديق الخارجية للوعود الالهية في القرآن المجيد للمؤمنين والمجاهدين".
وتوجَّه "بالشكر كما في كل مناسبة الى الذين ساهموا في صنع هذه الملحمة الاسطورة من الناس الجمهور الشعب المقاتلين المؤسسات الأمنية والعسكرية والجرحى والشهداء والاحتضان الوطني والشعبي ودعم ايران وسورية وتعاطف كل الشعوب والجماهير في العالمين العربي والاسلامي".
كما خصَّ السيد نصر الله بالشكر "كل الشهداء و الشهداء القادة الحاج عماد مغنية والسيد مصطفى بدر الدين والحاج حسان اللقيس والحاج خالد بزي والحاج ابو محمد سلمان والشهيد القائد الكبير الحاج قاسم سليماني الذي كان معنا يشاركنا التحديات والظروف والمساندة والدعم".
السيد نصر الله: انجاز تعيين الحدود البحرية ما كان ليتحقق لولا التكامل بين المقاومة والدولة
ورأى أنَّ "المحطة الأولى التي يظهر فيها انتصارنا التاريخي في حرب تموز ما تأسس عليه من توازن ردع هو ما حصل في العام الماضي في تعيين الحدود البحرية وتحرير الجزء الأكبر من مياهنا الاقليمية كما تراها الدولة اللبنانية وتحرير المنطقة الاقتصادية الخاصلة وحقل قانا هذا ما كان ليتحقق لولا البناء على نتائج انتصار تموز".
وأضاف سماحته: "خلال أيام ستصل السفينة المعنية بالحفر والتنقيب وكل اللبنانيين ستكون أعينهم مشدودة بعين الأمل الى هذا الحفر والتنقيب لأنه الأمل الوحيد لخرق الحصار الواقعي".
وبيَّن أنَّ "انجاز تعيين الحدود البحرية ما كان ليتحقق لولا التكامل بين المقاومة والدولة وموقف الدولة الثابت والراسخ.. كان انتصارا مهما وكبيرا عكَّرت بهاءه المشاحنات الداخلية لكنها لا تغير من الحقيقة".
وأمل السيد نصر الله "من السادة النواب عدم تفويت موضوع الصندوق السيادي بل مقاربته بطريقة ملحة وهو حاجة للبنان".
وأكَّد أنَّ "الضمانة الحقيقية للتمكن من الحفر والتنقيب هو احتفاظ لبنان بكل عناصر القوة والمعادلة الذهبية وفي مقدمها المقاومة وقوة المقاومة وهيبة المقاومة لأننا أمام عدو لا يحترم الاتفاقيت ولا التفاهمات حتى ولا كانت هناك ضمانات أميركية".
ولفت سماحته إلى أنَّ "الذي يمنع العدو من الانتقاص من حقوق لبنان هو قوة لبنان وفهم العدو أن أي اعتداء أو انتقاص منه سيقابل برد الفعل القوي الذي يجعله نادمًا".
السيد نصر الله:"اسرائيل" تختبئ خلف الجدران
وقال السيد نصرالله: "من يراقب الوضع الاسرائيلي منذ حرب تموز 2006 يرى بوضوح المسار الانحداري الهبوطي لهذا الكيان على أكثر من صعيد".
وأضاف: "لو استحضرنا نتائج لجنة "فينوغراد" هل استطاع العدو أن يعالج آثار حرب تموز على كيانه وجيشه وقراره السياسي وجبهته الداخلية ناسه معركة الوعي؟ الجواب لا بالعكس الأمور أصبحت أصعب (مع حرب تموز ونتائجها وحروب غزة والتطور المهم التصاعدي في الضفة)".
وأوضح الأمين العام لحزب الله أنَّه "قبل 2006 كانت غالبًا الجبهة الداخلية في الكيان بمنأى عن الحروب، لكن المقاومة في 2006 أدخلت الجبهة الداخلية في الكيان الى الجبهة وجعلتها جزءًا أساسيًا من المعركة".
وأشار إلى أنَّه "اليوم "اسرائيل" كان لدينها عقيدة أمنية منذ تأسيس الكيان حتى 2006 وضعها بن غوريون قائمة على "الردع والانذار والحسم"، بعد 2006 أضافوا عنصرا رابعًا هو الدفاع والحماية المرتبط بالجبهة الداخلية".
وتابع: "من 2006 الى الآن تقريبا كل عام ينفذ العدو مناورات للجبهة الداخلية لديه لفحص جاهزيتها والنتيجة تتبين أن الجبهة الداخلية غير جاهزة لأي حرب مقبلة".
السيد نصر الله لفت إلى أنَّ "الأهم في الجبهة الداخلية لدى الكيان هو عنصر الثقة المفقود وعدم استعداد مستوطني ومستعمري ومحتلي هذه الأرض للتضحية وتحمل التبعات".
وبيَّن أنَّه "طوال 17 سنة لم يستطع العدو ترميم صورة الجيش الاسرائيلي، وجنرالات المتقاعدين والموجودين في المسؤولية والوزراء يتكلمون عن الحالة الصعبة التي وصل اليها جيش العدو والأهم ضعف الروح القتالية وضعف الاستعداد للتضحية وانعدام الثقة مع المستوى السياسي وبين الضباط والجنود وضعف الاقبال على الوحدات".
وأضاف: "الآن وبعد الانقسامات السياسية الموجودة في الكيان وضع جيش العدو الاسرائيلي في أسوأ حال نسبة الى اي زمن مضى والضربة القوية لهذ الجيش سيكون اذا أقر الكنيست قانون التجنيد الجديد".
وشدَّد السيد نصر الله على أنَّ "محور المقاومة أمسك بزمام المبادرة بنسبة كبيرة.. "اسرائيل" الآن تختبئ خلف الجدران مع لبنان وغزة والكثير من الأماكن في الضفة".
وتطرق سماحته إلى تهديد وزير حرب العدو بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، وقال: "ما عليهم فهمه هو ماذا يستطيع لبنان ومقاومته أن يفعلوه بكيان العدو".
وتوجَّه السيد نصرالله لقادة العدو بالقول: "أنتم أيضًا ستعودون إلى العصر الحجري إذا ذهبتم إلى الحرب مع لبنان".
ولفت إلى أنَّ "كل المطارات المدنية والعسكرية وقواعد سلاح الجو ومحطات توليد الكهرباء والمياه ومراكز الاتصالات الرئيسية والبنى التحتية ومصافي النفط ومفاعل ديمونا، على العدو أن يحسب كم هو عدد الصواريخ الدقيقة التي تحتاجها المقاومة لضرب كل هذه الأهداف".
وأضاف: " هذا اذا بقيت المعركة مع المقاومة في لبنان فكيف إذا تطورت المعركة إلى محور المقاومة فلن يبقى شيء اسمه "اسرائيل"".
وأكَّد السيد نصر الله أنَّ "على العدو أن يعلم أنَّه يلعب لعبة وجود وفناء، وتهديداتكم لا تخيفنا واليوم لبنان يملك القدرة على تحقيق الأمن والأمان في وجه العدو".
وبيّن أنَّ "المعادلة الذهبية هي التي تحمي لبنان وهي التي ستسعيد باقي النقاط المحتلة وهي التي تشكل درعًا واقيًا عزيزًا للبنان وشعب لبنان".
السيد نصر الله: بعض القوى تدفع البلد باتجاه والحرب الأهلية
وعن حادثة الكحالة، قال السيد نصر الله: "هناك ذخائر وأسلحة يتم نقلها من مكان إلى مكان بما يرتبط بأي مواجهة ممكن أن تحصل في المستقبل، ولدينا وسائل نقل متعددة منها الشاحنات".
ورأى أنَّ "الحادثة الأخيرة عند كوع الكحالة هي حادثة طبيعية حيث انقلبت وكان خلفها بعض الأخوة لمرافقتها. وكحال اي حادث يتدخل الناس بدافع الفضول أو بنية حسنة للمساعدة، وكانت الأمور طبيعية إلى أنَّ حرّضت احدى القنوات المعروفة على الشاحنة، فبدأ بعض الشبان بالسب والشتم ورمي الحجارة، وهذه المقاطع المصورة موجودة وتوثّق ما جرى".
وأشار سماحته إلى أنَّ "الأخوة بقوا عند مسؤوليتهم لأن ما في الشاحنة أمانة في رقابهم، وتحملوا ما بدر من الأهالي، ليتطور بعدها الأمر إلى اطلاق نار، وكان حينها يحصل اتصالات مكثفة، وعلى كل حال التحقيقات تبين المعتدي".
وأضاف السيد نصر الله: "نحن منذ البداية عملنا على ضبط الوضع، ونحن لا نعتبر أن هناك أي مشكلة مع أهالي الكحالة أو أي من العائلات، ويمكنم احصاء من كان متواجدًا على الأرض في وقت الحادثة وبعضهم من خارج الكحالة ومشكلتنا مع هؤلاء".
وأشار إلى أنَّه "صدرت مواقف في الساحة المسيحية تدعو للتهدئة في مقدمتها موقف رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون".
وشكر سماحته كل "من دافع عن المقاومة ولمن دعا للهدوء والتعقل، ولكن كان هناك قوى سياسية أرادت أخذ الموضوع إلى أبعد مدى ممكن".
وأضاف: "نحن نترك الموضوع في عهدة القضاء، ووجوه من كانوا على الأرض باتت معروفة، ونحن أعلنا استعدادنا للتعاون مع القضاء، ولكن على القضاء أن يأخذ بعين الاعتبار أن هناك قناة خبيثة حرّضت على الاعتداء والقتل، والدماء التي سُفكت تتحمل مسؤولتها هذه المؤسسة الاعلامية".
ودعا الأمين العام لحزب الله إلى "الهدوء ومعالجة الأحداث التي تحصل من هذا النوع بروح المسؤولية كما تعاطينا مع مجزرة الطيونة".
وتوجَّه بالعزاء والتبريك إلى عائلة الشهيد أحمد قصاص لأنه شهيد مجاهد تحمل مسؤوليته واستشهد دفاعًا عن المقاومة وجهوزيتها وامكاناتها وقدراتها، مشيدًا بوعي وبصيرة هذه العائلة التي تعبر عن حس وطني عالٍ.
وشدَّد السيد نصر الله على أنَّ هناك زعامات سياسية من الواضح من سلوكها ومواقفها ومعها وسائل اعلام وجيوش الكترونية معينة تدفع البلد باتجاه الانفجار والحرب الأهلية.
وأضاف: "جزء من هؤلاء عام 2006 كان يراهن على سحق المقاومة في لبنان ومع ذلك قطّعنا عن هذا وأن لبنان انتصر، لكن واضح الاصرار على مسار مختلف".
ولفت سماحته إلى أنَّ "ما يحصل هو التعبئة لأكثر من شارع ومنطقة وساحة.. هؤلاء أتهمهم ولدي الدليل العلني من بياناتهم وخطاباتهم وتعابيرهم وحدتهم وأنفاسهم أنها تدفع لبنان الى الحرب الأهلية".
وسأل: "هل مصلحة المسيحيين بالدرجة الأولى الذهاب الى الحرب الأهلية؟ ربما هناك جيل لم يعايش الحرب الأهلية يجي أن يشاهدوا بعض الوثائقيات عن الحرب الأهلية. في الحرب الأهلية الكل خسران حتى القوي خسران".
وتابع: "إذا صار هناك حربًا أهلية، هل تتوقعون أن يتدخل أحد لوقفها؟؟ هذه هي السودان أمامكم والعالم كله يقف متفرجًا، أما في لبنان فالكثير من الدول الخارجية ستعمل على صب الزيت على النار لأن الحرب الأهلية تستنزف الجميع وتضعف الجميع".
كذلك سأل: "على من تراهنون لمساعدتكم في الحرب الأهلية؟ على "اسرائيل" كما الحال في 1982؟ "اسرائيل" اليوم ليست كما كانت وهذا ما قلناه في بداية الخطاب".
ورأى السيد نصر الله أنَّ "هذا مسار يؤدي الى خراب البلد وعلى الجميع تحمل المسؤولية، وعلى الرأي العام المسيحي والنخب والمثقفين ورجال الدين الوقوف في وجه هذا المسار".
وأكَّد أنَّ الشعب اللبناني لن يسمح بالتقسيم، فلا مصلحة لأي طائفة أن يحصل التقسيم في لبنان البلد الصغير.
ولفت إلى أنَّ "التقسيم ليس في مصلحة أي طائفة والمرحلة تحتاج إلى تدبر وتعقل وليس السير مع الغرائز".
السيد نصر الله: مسار الحوار بين الحزب والتيار ايجابي
وفي سياق مختلف، أكَّد السيد نصر الله أنَّ "الحوار بيننا وبين إخواننا في التيار "الوطني الحر" مساره ايجابي وطبعًا يحتاج إلى بعض الوقت ويمكن أن يصل إلى نتيجة ان شاء الله".
وأوضح أنَّه "منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها أن هناك حوارا مع التيار هناك قوى سياسية فتحت جبهة على التيار وعلينا لأنها لا تريد أي حوار بين اللبنانيين بل تريد التخندق والتعبئة".
وشدَّد سماحته على أنَّه "لا خيار أمام هذا البلد إلا الشراكة والسير مع البعض لو ببطء أفضل من أي خيار آخر".
السيد نصر الله: 2700 واهب للأعضاء في حال الوفاة مسجَّلن لدى جمعية "من أحياها"
كما قال سماحته: "توفي منذ أيام الشاب علي حسن شرف الدين في حادث سير وهو في كشافة الامام المهدي (ع)، وأهله وهبوا بعض أعضائه وأتوجه لهم بالشكر".
وأضاف: "نؤكد على النموذج الرفيع والراقي الذي قدمته عائلة المرحوم علي شرف الدين وهذه ثقافة الحياة والتضحية ونحن نفتخر بهؤلاء".
وكشف سماحته أنَّه "للاستفادة من هذه التجربة، أسس الاخوة قبل مدة جمعية "من أحياها" والذين انتسبوا الى هذه المبادرة هم 2700 شخص سجلوا باستعدادهم لوهب أعضائهم في حال الوفاة تتراوح أعمارهم بين الـ20 والـ40 عامًا".
وختم السيد نصر الله: "دخلنا في زمن الانتصارات وولى زمن الهزائم وحتى الآن ما زلنا نعيش في هذا المعنى وسيستمر هذا المعنى لأن مسار المقاومة مسار تصاعدي أفقه واعد ومفتوح ونمشي بأقدام ثابتة وقلوب يلمؤها اليقين والمسألة مسألة زمن وسنواصل أيًا كانت التحديات والطعنات".