
أكَّد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أنَّ حادثة سقوط مروحية الرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي ورفاقه وانتهت إلى استشهاد مجموعة من القادة كانت حادثة مؤلمة ومحزنة جدًا في ايران وخارج ايران.
وفي كلمةٍ له خلال الاحتفال التكريمي للشهداء الأبرار الرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي ورفاقه في مجمع سيد الشهداء (ع) - الضاحية الجنوبية لبيروت، قال سماحته: "فقدنا في هذه الحادثة قادة كبار ومحبين ومجاهدين في مرحلة حساسة جدًا في الصراع القائم مع العدو الصهيوني ومشروعه في المنطقة".
وأضاف: "نحن اليوم نعبر لإيران ولقائدها وقائدنا ولشعبها وحكومتها ومسؤوليها وللعائلات الشريفة عن مشاركتنا مشاعر الفقد والحزن".
وأشار السيد نصر الله إلى أنَّه "عندما نتحدث عن القادة الشهداء كنا نؤكد أننا بحاجة إلى أن نعرّفهم إلى شبابنا لأننا نحتاج إلى القدوة والاسوة والنموذج لأنه بدون القدوة يبقى ما نؤمن به مجرد أفكار وحبر على ورق فالشخصية القدوة تتجلى فيه كل القيم والمفاهيم والتعاليم".
وشدَّد على أنَّ السيد رئيسي يجب أن ننظر إليه على أنَّه قدوة في كل المراحل التي مر بها خلال سنوات عمره، حيث كان مسؤولًا للعتبة الرضوية عند الامام الرضا (ع) حيث أحدث تحولًا كبيًرا في الإدارة وتطوير هذه العتبة والأهم الخدمات الجليلة.
وتابع السيد نصر الله: "تحمل الرئيس السيد رئيسي مسؤولية السلطة القضائية في ايران وأحدث تحولا كذلك في هذه المسؤولية اما في الموقع الثالث حيث تولى مسؤولية رئاسة الجمهورية الايرانية قدم تجربة راقية ومهمة جدا خلال السنوات الثلاث من توليه الرئاسة".
كما لفت سماحته إلى أنَّ السيد رئيسي كان فقيهًا وعالمًا ومجتهدًا ومتدينًا وخلوقًا ومتواضعًا ومحبًا وخدومًا جدًا وقريبًا من الناس خاصة الفئات المستضعفة وشجاعًا جدًا في وجه الطغاة ومؤمنا بالمقاومة ومشروعها والمطيع جدا لقائده السيد الامام علي الخامنئي.
ورأى أنَّ من أهم التحديات التي قد يواجهها الرئيس في إيران هي في ما يخص الوضع الاقتصادي والوضع السياسي والسياسة الخارجية وكلا التحديين يعودا إلى أنَّ إيران منذ انتصار الثورة عام 1979 تواجه الكثير من الأخطار والتحديات حيث عانت من الحصار الاقتصادي والعقوبات والحرب المفروضة.
وبيَّن سماحته أنَّ السيد رئيسي خلال ثلاث سنوات من ولايته قام بإحياء المشاريع الاقتصادية وإعادة الآلاف من المصانع التي كانت معطلة ما وفَّر فرص عمل هائلة، كما عمل على بناء المساكن والبدء بإعمار مليونين و400 ألف مسكن، زيادة انتاج النفط فوصل إلى 3 مليون برميل و500 ألف.
وأضاف: "جرى اتخاذ قرارات في خلال ولاية السيد رئيسي باعطاء الكهرباء والماء بشكل مجاني للعائلات الفقيرة وزيادة الرواتب للموظفين وكان يزور بشكل دائم القرى والأرياف وتابع مشاكلهم ولذلك سمي بـ"سيد شهداء الواجب ".
وأردف: "في السياسة الخارجية كان هناك تطور كبير في خلال رئاسة السيد رئيسي في الدبلوماسية الإيرانية والسياسة الخارجية لها حيث جرى اعطاء الأولوية لدول الجوار وللشرق دون قطع العلاقة مع الدول الغربية".
وشدَّد السيد نصر الله على أنَّ السيد رئيسي كان لديه عداء كبير للعدو الصهيوني وإيمان كبير بالقضية الفلسطينية والمقاومة وأنَّها السبيل الوحيد لتحرير الأرض وللتخلص من الظلم.
وأوضح أنَّ "السيد رئيسي عمل على دعم القضية الفلسطينية ومساندتها سياسيًا وماليًا ومعنويًا وعلى كل المستويات وساعده في ذلك الوزير حسين أمير عبداللهيان الذي كان عاشقًا لحركات المقاومة".
وتابع: "السيد عبداللهيان زار لبنان كثيرًا وكان شديد الحب للبنان وفلسطين ولحركات المقاومة، ونحن لم نر من السيد رئيسي والسيد عبداللهيان سوى كل الاحتضان والحب والسند ومن أهم صفاتهما التواضع الشديد"، مؤكدًا أنَّ هؤلاء الشهداء الأعزاء كان عشقهم وحبهم وروحهم مع الفقراء والمحرومين والمستضعفين.
وشدَّد السيد نصر الله على أنَّ مشهد تشييع الشهداء الأبرار بدءًا من تبريز إلى قم وصولًا إلى طهران ومشهد، إلى جانب التشييع الفردي للشهداء شكَّلت مشاهد ضخمة ومليونية، لافتًا إلى أنَّ هذه الجنازة كانت ثالث أكبر جنازة في تاريخ البشرية بعد تشييع الإمام الخميني والشهيد قاسم سليماني.
وبيَّن سماحته أنَّ "هذه الرسالة يجب أن تطمئن كل المحبين خارج إيران الذين يقلقون بسرعة، كما أنَّها رسالة للعدو الذي فرض الحروب على إيران والعقوبات والحصار ومع ذلك بقيت إيران قوة وصامدة وتكبر وتتطور ويعلو شأنها في العالم على كل الأصعدة".
وفي السياق، لفت إلى أنَّ أحد أسباب فشل السياسة الأميركية انكار الحقائق لانهم منفصلون عن الواقع، مؤكدًا أنَّ الرسالة الثانية لمشاهد التشييع هي أنَّ إيران دولة قوية متماسكة وصلبة، ورغم أنَّه أحزنها جدًا استشهاد السيد رئيسي وعبداللهيان ورفاقهما لكنه لم يربكها أو يضعفها.
وأضاف: "لم يتم تعطيل البلد في ايران رغم الحادثة المحزنة لانها دولة دستور ومؤسسات وقانون وعلى راسها قائد كبير وعظيم الى جانب الثقة والحاضنة الشعبية".
ولفت سماحته إلى أنَّ إيران لم تبدِّل ولم تتراجع في دعمها لفلسطين والقضية الفلسطينية، بل عامًا بعد عام كان يزداد دعمها وكلما تحسَّنت امكانياتها السياسية والمعنوية والمادية والعسكرية لم تبخل في دعم هذه القضية.
وتوجَّه السيد نصر الله لكل الأعداء الذين ينتظرون أن تضعف إيران وتتخلى عن فلسطين والمقاومة بالقول: "أنتم تعيشون أوهامًا فإيران ستبقى السند الأقوى في هذا العالم إلى جانب فلسطين وحركات المقاومة".
وأما عن الحرب في غزة، فأشار إلى أنَّه في الشهر الثامن من العدوان على غزة، "الاسرائيليون" أنفسهم يقولون إن ما عايشه ويعايشه الكيان الصهيوني خلال هذه الأشهر لم يسبق له مثيل منذ 76 عامًا.
وأضاف سماحته: "اليوم من أهم ما يعاني منه الكيان الصهيوني موضوع اعتراف بعض الدول الأوروبية بدولة فلسطين وهذا سيفتح الباب أمام دول أخرى"، معتبرًا أنَّ هذا الاعتراف للدول الاوروبية بدولة فلسطينية هو من نتائج طوفان الاقصى وما بعد طوفان الأقصى، وأنَّ هذا الاعتراف هو خسارة استراتيجية للكيان الصهيوني.
كما لفت إلى أنَّ من نتائج طوفان الأقصى وثبات المقاومة وصمودها أنَّ "اسرائيل" اليوم أمام المحكمة الجنائية بعد طلبها اصدار مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة العدو نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت.
وتوجَّه السيد نصر الله بالشكر إلى كل الأساتذة والطلاب في كل انحاء العالم الذي تحركوا نصرة لغزة، مشيرًا إلى أنَّ طوفان الأقصى استنهض مشاعر الانسانية في كل العالم.
وأضاف: "في الأسابيع القليلة الماضية كان هناك توثيقات مهمة جدًا على مختلف الجبهات وهذا سيزيد الضغط على نتنياهو وحكومته وهو ذاهب الى الكارثة والحائط المسدود"، متمنيًا أن تتوقف الحرب، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنَّه لو أصر نتنياهو على الحرب فهو يأخد هذا الكيان الى الكارثة والمقاومة إلى النصر المؤزر.
وبيَّن السيد نصر الله أنَّ غزة وحماس فاجأت العدو الصهيوني في عملية طوفان الأقصى والمقاومة الإسلامية وفاجأت العدو بفتح الجبهة الجنوبية، وكذلك اليمن الذي دخل معركة طوفان الاقصى وتحدى العالم كله والعراق.
وتوجَّه سماحته لنتنياهو ولحكومة العدو بالقول: "يجب أن تنتظروا من مقاومتنا المفاجآت"، وتابع: "نحن في المقاومة درسنا كل خطواتكم فلا خداعكم ينطلي علينا وهذه المقاومة سوف تستمر اسنادا لغزة واهدافنا وشعاراتنا واضحة".
وأوضح السيد نصر الله أنَّ "الهدف الثاني لفتح الجبهة في الجنوب منع اي عملية استباقية للعدو باتجاه لبنان"، مشددًا على أنّ مسيرة حزب الله تنتمي إلى الشهداء "وسنواصل الطريق بالتضحيات والانجازات وهذا يتطلب منا الثبات والصمود واليقين".
هذا واكتفى الأمين العام لحزب الله بالمباركة للشعب اللبناني وللمقاومين بمناسبة عيد المقاومة والتحرير.