
أكد وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، أن زيارته إلى بيروت لا تقتصر على توقيع كتابه الجديد، بل تأتي في إطار سياسة إيران لتعزيز العلاقات مع الحكومة اللبنانية الجديدة.
وفي مقابلة خاصة مع قناة المنار، أوضح أن السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الرابعة عشرة، برئاسة الدكتور بيزشكيان، ترتكز على التعاون الإقليمي وسياسة حسن الجوار.
وأشار إلى توسيع علاقات إيران مع دول الخليج، مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان، خلال الأشهر العشرة الماضية، بالإضافة إلى تطور العلاقات مع مصر، رغم غياب العلاقات الدبلوماسية الرسمية. وأكد أن زيارته إلى لبنان تندرج ضمن هذه الجهود، موضحًا أنه التقى كبار المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيسا مجلس النواب والوزراء ووزير الخارجية.
أكد عراقجي أن اللقاءات كانت بناءة وأثمرت عن اتفاق على توسيع التعاون التجاري والاقتصادي، وزيادة التنسيق السياسي، مع احترام سيادة البلدين وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية. وشدد على دعم إيران الكامل لاستقلال لبنان ودعا إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة.
وفي ما يخص حظر الطيران الإيراني في مطار بيروت، أوضح عراقجي أنه ناقش الأمر مع المسؤولين اللبنانيين، وأبدى استعداد بلاده لمعالجة أي ملاحظات فنية أو إجرائية، مشيرًا إلى وجود إرادة لبنانية لإيجاد حل يعيد الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين.
وفي سياق آخر، شدد عراقجي على أن ما يُثار حول تصدير الثورة الإسلامية “مفهوم مضلل اخترعه أعداء الثورة”، مؤكدًا أن مبادئ الثورة تنتشر بعدالتها وقيمها، وليس عبر التدخلات.
وردًا على الاتهامات بوجود وصاية إيرانية على لبنان، اعتبرها استهدافًا للمقاومة اللبنانية، مؤكدًا أن حزب الله جماعة لبنانية مستقلة ولا تمثل ذراعًا لإيران، وأن اتهام لبنان بأنه ساحة تجاذب دولي محاولة لإضعافه.
وأبدى عراقجي استعداد إيران للمساهمة في إعادة إعمار لبنان عبر الأطر الرسمية للحكومة اللبنانية، موضحًا امتلاك الشركات الإيرانية خبرة في تنفيذ مشاريع بنية تحتية في دول مثل العراق وسوريا وأفغانستان. وكشف عن مباحثات لتشكيل لجنة اقتصادية مشتركة لدراسة فرص التعاون.
وأشار إلى أن إيران طورت آليات قانونية للتعاون التجاري دون خرق العقوبات الأميركية، مؤكدًا التزام طهران بالتعاون الذي لا يعرّض لبنان لأي مساءلة دولية.
كما أكد عراقجي أن الاحتلال الإسرائيلي والإجرام جوهر سياسة الكيان الصهيوني، مشيرًا إلى دعم بلاده لجهود الحكومة اللبنانية لحماية اتفاق وقف إطلاق النار.
كما شدد على أن سلاح المقاومة شأن لبناني داخلي تُناقشه الحكومة اللبنانية والمكونات السياسية والشعبية، موضحًا أن الدعم السياسي الإيراني لا يعني التدخل في قرارات المقاومة.
وأوضح أن العلاقة مع حزب الله علاقة صداقة وتفاهم، مع احترام إيران الكامل لاستقلالية الحزب وقراراته الوطنية. ونفى وجود أي ارتباط بين الملف النووي الإيراني وقضية سلاح المقاومة، مؤكدًا أن المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة تقتصر على الأنشطة النووية السلمية.
وأكد عراقجي أن إيران خاضت خمس جولات تفاوضية مع الولايات المتحدة، موضحًا أن تخصيب اليورانيوم نقطة خلاف جوهرية، واصفًا إياه بإنجاز وطني لا يمكن التنازل عنه. وأشار إلى أهمية إنتاج النظائر المشعة لعلاج المرضى، ورفض أي ضغوط للتخلي عن هذا الحق السيادي.
وبيّن أن الاقتراح الأميركي قيد الدراسة حاليًا، وأن الرد سيكون وفق المصالح الوطنية، مشددًا على استعداد إيران لتعزيز الشفافية وبناء الثقة دون المساس بحقوقها.
وفي مواجهة التهديدات الإسرائيلية، أكد عراقجي أن إيران لا تستخف بالتهديدات لكنها لا تخشاها، محذرًا من أن أي عدوان ستكون عواقبه كارثية. وأوضح أن منشآت إيران النووية محصنة، وأن البرنامج النووي قائم على خبرات وطنية لا يمكن تدميرها بالقصف.
وشدد على التمسك بالمسار الدبلوماسي قائلًا: “أنا دبلوماسي بطبعي وأسعى لتحقيق السلام، وأؤمن بإمكانية التوصل إلى حلول عبر التفاوض”.
في ختام حديثه، أكد عراقجي أن المقاومة مبدأ ومدرسة تحررية ضد الاحتلال، وليست مجرد زعيم أو شخص.
وقال: “استشهاد القادة يزيد المقاومة زخمًا، كما حدث بعد استشهاد السيد عباس الموسوي”، مضيفًا: “أنا واثق أن دماء السيد حسن نصر الله ستكون دافعًا جديدًا للمقاومة، وستقويها أكثر”.
وختم بالتشديد على أن “المقاومة كمدرسة تحررية ستبقى ثابتة رغم تغير الأساليب، ولن تضيع أهدافها الكبرى، وأن دماء الشهداء ستظل الضمانة لهزيمة الظالمين”.