
ألقى فضيلة السيد علي فضل الله خطبة يوم العاشر من المحرّم في مجمع الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، وبعد تلاوة المصرع الحسيني قال: "نلتقي مجدّدًا وككلّ سنة في هذا اليوم العاشر من المحرّم،
لنستمع إلى سيرة كلّ هؤلاء الشّهداء الّذين بذلوا أرواحهم لله على رمضاء كربلاء... كان الله هو هدفهم فاستجابوا له حين دعاهم أن لا يعطوا إعطاء الذّليل ولا يقرّوا إقرار العبيد وأن لا يسكتوا على كظة ظالم وسغب مظلوم.
وأضاف السيد فضل الله: "إنّنا نريد أن نستعيد كلّ هذا التّاريخ في كلّ واقعنا الّذي تتكرّر فيه الصّورة اليوم في كلّ هذا العدوان الصّهيونيّ الغادر الّذي شهدناه ولا زلنا اليوم نشهده في فلسطين... وفي لبنان... وفي سوريا... وفي اليمن وفي الجمهورية الإسلامية في إيران والّذي يريد منه هذا العدو ومن يقف وراءه الاطباق على هذه المنطقة ليكون هذا الكيان له اليد الطّولى فيها والمهيمن على كلّ مقدراتها وخياراتها ومستقبلها فالأمّة اليوم تخيّر بين القبول باملاءات هذا العدو وهيمنته على هذه المنطقة... أو القتل والتّدمير والحصار المالي والاقتصاديّ والإبادة ومنع حتّى إعمار ما هدمه هذا العدو".
وقال السيد فضل الله: "إنّنا معنيون في هذا اليوم ووفاء لكلّ تلك الدّماء الطّاهرة الأبية الّتي سقطت أن نعلن أنّنا لن نعطي إعطاء الذّليل ولن نقرّ إقرار العبيد، ولن نرضخ لخيارات تملى علينا. إنّنا نعي الاختلال في موازين القوى بفعل الامكانات لدى العدو والدعم الذي يحظى به ولكن هذا لا يدعونا إلى التراجع والقبول بالأمر الواقع... إننا سوف نبقى ملتزمين بما دعانا إليه الله ورسول الله (ص) وبذل لاجله الحسين(ع) دمه من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أن نأمر بالمعروف ونرفض المنكر بأيدينا وبألسنتنا وبقلوبنا و بمشاعرنا ونحرص أن تبقى إرادتنا حيّة لمواجهة أي تحدي وان لم يسعفنا الحاضر، فأمامنا المستقبل الّذي لا نراه مغلقًا أمامنا فنحن نثق بوعد الله بأن المستقبل لن يكون للظّالمين والمستكبرين والمهزومين والمتخاذلين بل هو للعاملين الثّابتين في مواقفهم والله لا يخلف وعده لعباده وسنأخذ من كربلاء في ذلك عبرة".
وتابع: "إنّنا معنيون في هذه الذّكرى أن نجدّد عهدنا للحسين (ع) وكل الصّفوة الطّيبة معه بأن نعمل لإصلاح واقعنا، كلّ واقعنا أن نكون مصلحين والدعاة إليه... أن لا نسكت عن أي انحراف قد نشهده على الصّعيد الدّينيّ أو الفكريّ أو الماليّ أو الاقتصاديّ أو السياسيّ... وسوف نستمر بصدق وإخلاص نعمل لتعزيز الوحدة الإسلامية التي من دونها لن تشهد أمتنا أي نهضة، ولتعميق الوحدة الوطنية التي بها نحمي أوطاننا من مخططات التفتيت والتقسيم والفوضى التي يعمل لتنفيذها أعداء هذه المنطقة ولتوسيع اللّقاء بين الدّيانات وندعو إلى مدّ الجسور بين الدّول العربيّة والإسلاميّة وإزالة التوترات والهوجس فيما بينها لتقوم معًا بدورها ومسؤوليّتها وهي من تملك الإمكانات والقدرات والطاقات الّتي تجعل لها الحضور القويّ في هذا العالم ومواجهة التّحديات الّتي تهدّدها اليوم ممّن يريدون العبث بمقدّراتها وثرواتها وحضورها في هذا العالم حيث لا يمكن أن ترتقي وتواجه كلّ التّحديات بالتّرهّل والانقسامات".