
قام شبان، الجمعة، بالاعتداء على مسجد السلطان إبراهيم بن أدهم في جبيل شمال بيروت، بعدما دخلوا إليه وضربوا مؤذّنه، لتعود القوى الأمنية وتؤكد صباح السبت توقيف الفاعل الذي قام بتسليم نفسه والاعتراف بما قام به.
وفي السياق، أعلنت قيادة الجيش أن دورية من المخابرات أوقفت في جبيل، المدعو (إ.م) بعد وقوع إشكال فردي بينه وبين (م.ب) خادم مسجد السلطان عبد المجيد بن أدهم من التابعية المصرية، تطور إلى تضارب بالأيدي ونتج عنه إصابة الأخير بجروح، وسلمت الموقوف إلى قوى الأمن الداخلي القائمة بالتحقيق.
ردود الفعل أجمعت على إستنكار هذا العمل والدعوة الجامعة الى المحاسبة والاقتصاص من المعتدين.
مفتي جبيل الشيخ غسان اللقيس استنكر هذا الاعتداء، وقال إنّ "ما نخشاه أن تمتد يد الفتنة من فرنسا الى مدينتنا جبيل ومن ثم إلى لبنان"، مؤكدًا أنّ "جبيل عاصمة الحوار والعيش المشترك ما هكذا يتعامل بعض سكانها مع قيم الإسلام ومبادئه السمحة".
كذلك نبّهت بلدية جبيل من عدم الانجراف وراء الفتن التي يحاول البعض زرعها، وطالبت تحكيم العقول الرشيدة، من جميع الجهات التي تحاول النيل والعبث بصيغة العيش المشترك في المدينة.
من جهته، أدان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل حادثة الاعتداء، وأكد أن المسجد كما الكنيسة بيت الله، وأي اعتداء عليهما طعنة للبنان التلاقي، موضحًا أن "جبيل مدينة الانفتاح والحياة المشتركة التي أسقطت عبر تاريخها كل الفتن".
بدوره، استنكر السيد علي فضل الله أي اعتداء يحصل ضد أي صرح أو موقع ديني، ودعا الجهات الأمنية إلى الإسراع في كشف الفاعلين والمحرضين ومعاقبتهم لقطع الطريق على أي فتنة تسعى إليها الأيدي الخفية للإيقاع بين اللبنانيين.
بدوره، أكد رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن أن ما حدث من دخول تخريبي على خط الفتنة الطائفية هو من صنع المتربصين شرا بجميع اللبنانيين، وهو يشكل عملا إجراميا بحق لبنان واللبنانيين واعتداء صارخا ليس على المسلمين في لبنان فحسب بل على المسيحيين أيضا، مطالبا بـ "اتخاذ الإجراءات الحازمة والصارمة التي تكفل قطع الطريق في وجه كل من يحاول العبث بصيغة لبنان وبأمنه واستقراره".
كما شدد على "وحدة الجبيليين والتفافهم في ما بينهم في وجه التحديات العاصفة في هذه المرحلة الدقيقة".
النائب فيصل كرامي وصف بعمل خبيث قام به موتورون يهدف الى استدعاء فتنة بغيضة، ورأى أن المطلوب إطفاؤها بسرعة في مهدها عبر السلطات المسؤولة بملاحقة ومعاقبة المرتكبين وعبر تضافر جهود المرجعيات الروحية في إدانة ونبذ التطرف وحماية العيش الواحد الذي يتميز به لبنان.
وغرد الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة سعد الحريري قائلاً "ثقتنا بالقضاء بعدما صار المتهم الرئيسي في عهدة القوى الامنية، وثقتنا الاكبر بأهلنا في جبيل، مدينة العيش الواحد والوحدة الوطنية".
فيما قال النائب سيمون أبي رميا عبر إن ما حصل بكل بساطة ومنعا للتجاذب الرخيص هو حادث فردي لا علاقة له بخلفيات طائفية، والمطلوب عدم إعطاء الحادث حجما أكبر من حجمه، بينما تقوم الاجهزة الامنية والقضائية بدورها الطبيعي بالتحقيق.
هذا وقطع عدد المحتجين مساء أمس ساحة النور في طرابلس استنكاراً للاعتداء على المسجد، حيث تمّ إشعال الإطارات مساء حتى صباح اليوم، وطالب المعتصمون الأجهزة الأمنية بتوقيف الفاعلين فورًا ومحاسبتهم.
وفي هذا الاطار، استنكر راعي أبرشية صيدا للروم الكاثوليك المطران إيلي بشارة الحداد، في بيان اليوم، "التعدي على المسجد في جبيل والمؤذن". ودعا الى "اتخاذ التدابير الحازمة من المراجع الأمنية بحق المرتكبين، لئلا تتكرر مثل هذه الأعمال المهينة للأديان السماوية كافة. فنحن نعيش في وطن العيش المشترك، وتراثنا احترام بعضنا البعض. نحن في وطن رسالة وعلينا ان نعطي درسا لجميع الدول عن تقبل التنوع في الاختلاف". وحذر من "امتداد ثقافة العلمانية المتطرفة الى بلادنا، فهي تيار خطير يتنافى مع تعليم أدياننا".
كذلك، استنكرت "الجماعة الإسلامية" في الشمال، في بيان اليوم، "الاعتداء الآثم والخطير"، وشددت على أن "المسلمين في لبنان ومقدساتهم لن يكونوا مكسر عصا لأحد... ولبنان بلد قام على الاحترام بين الطوائف وصيغة العيش المشترك، وأي مس بهذه الصيغة عن طريق استعلاء هنا واستقواء هناك، لن يضر إلا بصاحبه". وطالبت القوى الأمنية والسلطة القضائية ب"اتخاذ أقصى الإجراءات بحق المعتدين... وعلى السلطة السياسية استنكار هذا الحدث الخطير قبل تفاقم الأمور وجرِّ البلاد إلى المكان الذي يطمح إليه كل من لا يحب الخير للبنان وأهله".
واستنكرت "حركة التوحيد الإسلامي"، في بيان اليوم، "الاعتداء الآثم والتعرض المجرم لحرمة أحد مساجد جبيل من أشخاص يعبثون بمفاهيم العيش المشترك والسلم الأهلي في لبنان، البلد المتنوع بمذاهبه وطوائفه، فإذا بهم يسيئون ويرتكبون خطيئة لا تغتفر بحق هذا الكيان القائم على احترام الآخر وصون معتقداته ومقدساته". وشددت على أن "الصيغة اللبنانية بوجهها المشرق، مثال يحتذى للتعايش الانساني في المناطق المختلطة دينيا من العالم". ودعا القوى الأمنية والقضاء إلى "التحرك للأخذ على أيدي المعتدين ومشغليهم الذين يحاولون ضرب صيغة التعايش والوحدة الوطنية".
وللمناسبة، اتصل المفتي السابق زيد بكار زكريا بالشيخ غسان اللقيس، مستوضحا ملابسات الحادثة ومستنكرا. وطالب الأجهزة الأمنية ب"كشف الجناة وتسليمهم للعدالة".
بدورها، استنكرت هيئة قدامى ومؤسسي القوات اللبنانية، في بيان اليوم، "الحادث الخطير الذي تعرض له مؤذن مسجد في جبيل من أشخاص، مع ما رافق ذلك من شتائم واقتحام للمسجد بطريقة غير مقبولة". وطلبت من القوى الأمنية "القبض على الفاعلين ومشغليهم وإحالتهم على القضاء ليكونوا عبرة لسواهم". وأكدت "عدم القبول بالمس بالعيش المشترك والتسامح في جبيل وكل لبنان جراء ممارسات مخطط لها، هدفها زعزعة الأمن والتعايش".
ونوه رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، في بيان اليوم، ب"حكمة الشيخ غسان اللقيس، الذي استطاع أن يطفىء الفتنة في جبيل، ويقطع الطريق على احتمال فتنة كبيرة يمكن أن تكون الجهات المتربصة بأمن لبنان حضرتها، وبخاصة في مرحلة انعدام الوزن التي نعيشها". وشدد على عدم الخوف من "تحول هذا الحادث إلى فتنة كبيرة، وبخاصة أننا تجاوزنا في الفترة الأخيرة محاولات عدة قامت بها جهات مشبوهة لإشعال فتن تلبس طابعا مذهبيا أو طائفيا، ولاحظنا أن الجهات المعنية، أمنية وسياسية، واعية لمثل هذه المحاولات وتعمد إلى إطفائها في مهدها بحكمة وصمت".
واستنكر الأمين العام ل "حركة الأمة" الشيخ عبدالله جبري، في بيان اليوم، الاعتداء، مشددا على أن "حرمة الاعتداء على دور العبادة، لما لها من قدسية ورمزية، ولا سيما أن جبيل مدينة الألفة والتمازج والتلاقي". وطالب القوى الأمنية والقضائية ب"الاقتصاص من الفاعلين سريعا، لقمع دابر الفتنة في مهدها ومنع تكرار اعتداءات كهذه مستقبلا".