
عادت قضية "التوربينات الهوائية" التي تعكف سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" على إنشائها في مناطق الجولان السوري شمال فلسطين المحتلة، إلى الواجهة مجدداً عقب اندلاع مواجهات واسعة بين أهالي الجولان وقوات الاحتلال "الإسرائيلي" تصدياً للمشروع.
خلفية المشروع التاريخية
وافقت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" منذ فترة على مشروع تقام فيه 32 مروحة جديدة لتوليد الطاقة البديلة في شمال الجولان، والذي يُلحق ضرراً بـ 4500 دونماً من أراضي المزرارعين، أبناء قريتي مجدل شمس ومسعدة بالتحديد.
تعود خلفية هذه القضية إلى عام 2009، حين أصدرت "الحكومة الإسرائيلية" القرار الرقم 4450، الذي يُلزم بالبحث عن مصادر طاقة بديلة بحيث "تُغطّي بدءاً من العام 2020 نحو 10% من حاجة "إسرائيل" إلى الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة". بالإضافة إلى ذلك يحقق هذا المشروع "الاستراتيجي" بالنسبة إلى الكيان فوائد اقتصادية وعائدات مالية كبرى.
ظاهره طاقة وباطنه استيطان
في حين يبدو أن عنوان المشروع "الطاقة النظيفة" إلا أنه في الحقيقة مشروع استيطاني قائم على مصادرة ما تبقى من أراضي أبناء الجولان السوري المحتل لحصارهم وتهجيرهم، وإفساح المجال أمام تطوير مشاريع الاستيطان والسيطرة الكاملة على الجولان.
وللتأكيد على أهمية المشروع بالنسبة "للحكومة الإسرائيلية" فقد تم وصفه "مشروعاً قومياً"، وهو ما يعني - وفق النصوص القانونية- أنه يُتاح لوزير مالية الاحتلال مصادرة أراض من أصحابها لإقامة المشروع ومدّه بشبكة بنى تحتية وكلّ ما يَلزمه من مرافق.
كما تم تسليم تنفيذ المشروع لشركة تدعى "إنرجيكس"، وهي فاعلة، بحسب ما تُعرّف عن نفسها على موقعها الالكتروني، في كلّ من إسرائيل وأميركا وبولندا.
أضرار جمة تطال الأهالي والأراضي الزراعية
ووفقاً لقيادات أهالي الجولان، فإن المشاريع "الإسرائيلية" تأتي في سياق محاولة السيطرة على الأراضي في منطقة الجولان وتوسيع المشاريع الاستيطانية تحت غطاء المشاريع القومية.
وأشار الأهالي إلى أنه عدا عن الضرر المباشر المتمثل بمصادرة الأراضي، إلا أنّ الكثير من الحيوانات والنباتات ستتضر أيضاً، بسبب المشروع في حال قيامه، خاصةً أنّ الطيور المهاجرة والخفافيش، التي تسهم في تلقيح الأشجار المثمرة وتنظيف الأراضي الزراعية من الحشرات الضارة، ستقتل نتيجة اصطدامهم بالتوربينات الهوائية، مما سيؤدي لأضرار كبيرة في الغطاء الطبيعي في شمال الجولان.
كما أوضحوا أن للمشروع سيكون أضراراً سكانية، خاصةً وأنّه سيساهم في خنق القرى السورية المتبقية وتقطيع أوصالها، بسبب المنطقة التي سيقام عليها، والتي تقع في الوسط بين القرى، إضافةً إلى الحد من توسعها العمراني.
على سبيل المثال، قرية مجدل شمس محاصرة من الشمال والشرق والغرب، بحقول الألغام، وخط وقف إطلاق النار، ومراكز جيش الاحتلال الإسرائيلي، وسيأتي هذا المشروع ليزيد حصارها من جهة الجنوب أيضاً.
على الرغم من معارضة أهالي الجولان لنصب المراوح، إلا أن "الحكومة الاسرائيلية" أبلغت أنّها ستشرع في نصب 42 مروحة في منطقة تل الفرس و30 مروحة في سهل المنصورة.
الجولان: موقع استراتيجي وموارد حيوية
على الرغم من اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2019 بسيادة الكيان "الإسرائيلي" على الجولان، إلا أن الأمم المتحدة اعتبرت وقتها القرار "لا يغيّر من الوضعية القانونية للجولان بصفتها أرض سورية واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي"، فيما تسعى إسرائيل الآن لتغيير الواقع لصالحها بحجة السعي وراء الطاقة البديلة.
سيطرة "إسرائيل" على الجولان لا تُعتبر بعداً استراتيجياً جغرافياً فحسب بإطلالته على أربع دول عربية "سوريا، لبنان، فلسطين، الأردن"، بل لأنه أيضاً واحدٌ من أهم مصادر الطاقة والمياه في المنطقة، إذ يحصل الكيان "الإسرائيلي" على ثلث حاجاته المائية من الجولان، الغني بالأنهار والينابيع والمياه الجوفية، وبتراكم الثلوج على جباله، كما تجري منذ سنوات عمليات تنقيب عن النفط الذي تشير الدراسات إلى وجوده بكميات وفيرة في المنطقة.