
في ذكرى الرئيس الشهيد رشيد كرامي، أصدر رئيس "المؤتمر الشعبي اللبناني" كمال حديد، السبت، البيان الآتي:
"تأتي ذكرى الرئيس الشهيد رشيد كرامي في ظل استمرار الظروف المأساوية على فلسطين ولبنان، حيث تستمر منذ سنة وثمانية أشهر حرب الإبادة الصهيونية الأميركية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحيث استمرار الاعتداءات الصهيونية الهمجية المتواصلة على لبنان بالرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، وحيث تمدد العدوان الصهيوني إلى سوريا، في ظل تفرج المجتمع الدولي على كل ذلك دون اتخاذ اي اجراءات رادعة بحق قادة الكيان الصهيوني المجرمين، وحيث غياب أي خطط عملية لمعالجة الازمات المالية والإقتصادية في لبنان، على الرغم من مرور حوالى أربعة أشهر على انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
في هذه الظروف الصعبة والعصيبة، نستذكر سيرة ونهج الرئيس الشهيد رشيد كرامي الذي كان طليعة المدافعين عن القضية الفلسطينية، والمواجهين للعدو الصهيوني ومشاريعه التقسيمية، الرافضين أي تطبيع معه، والحافظين لوحدة لبنان وعروبته وقراره الحرّ في مواجهة اي وصاية او هيمنة.
نستذكر بكل وفاء المبادىء الشريفة والصداقة العميقة والقيم الأخلاقية التي كانت تجمع بين الرئيس الشهيد وبين فقيدنا الكبير الأخ كمال شاتيلا، رحمهما الله، وإلتزامهما الديني والوطني والقومي، فكراً ونهجاً ومسلكاً.
فلقد اثبت الرئيس الشهيد في خلال توليه رئاسة الحكومة في لبنان عدة مرات، مقدرة متميزة وكفاءة عالية في إدارة الدولة، مستنداً الى الأخلاق السامية في العملين السياسي والوطني، فلم يكن سياسياً وصولياً، بل تصدى للفساد والفاسدين، وكان بحق نموذجاً لرجل الدولة.
وقف الشهيد الكبير عام 1957 ضد المشروع الإستعماري حلف بغداد، وبنى صداقة متينة مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فأصبحت العلاقات اللبنانية المصرية في عهده قوية قائمة على الاحترام المتبادل، ووفّرت استقراراً وازدهاراً للبنان. وحينما نشبت الحرب اللبنانية عام 1975 وطُرحت خلالها مشاريع تقسيمية، إتخذ الرئيس الشهيد رشيد كرامي كعادته، الموقف الوطني التوحيدي، وتمسك بثوابت لبنان الوطنية، رافضاً الفرز المذهبي أو الطائفي، ومطالباً باستمرار بالحل الوطني العربي للازمة بعيداً عن كل طروحات التدويل والسيطرة الاطلسية أو اقتسام القوى الدولية للنفوذ في لبنان.
كان التقسيميون يناصبونه العداء ويجدون في نهجه الوطني ومواقفه التوحيدية، حاجزاً كبيراً أمام مشاريعهم الانفصالية، فإمتدت يد الغدر إليه، ظناً منها أنها باغتياله تتعبد الطريق نحو الفدرالية التقسيمية، لكن خاب ظنها مع تمسك قوى التيار الوطني العروبي بثوابت لبنان وبرسالة الرئيس الشهيد، فانتصر خطه السياسي على مشاريع التقسيم والتدويل.
ونحن نستعيد ذكرى هذا الرجل الكبير رشيد كرامي، نرى من إغتاله يحاضر في العفة وفي أسس بناء الدولة وهو الذي أمعن مع غيره في تخريب هذه الأسس والقفز فوق الثوابت الوطنية، دون أن يلقى العقاب الذي يستحق، ومع ذلك نجدد التمسك بالقيم والمبادىء التي استشهد من أجلها الرئيس الرشيد، ونؤكد أن دارة آل كرامي في مدينة طرابلس ستبقى داراً للكرامة وللمبادىء الوطنية والقومية، مهما تبدلت الظروف وتعاظمت التحديات".