الرئيس عون خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي: لبنان يسعى لتأمين العودة الكريمة والآمنة للنازحين ونرفض ربط النزوح السوري بالحل السياسي الذي قد يطول أمده
تاريخ النشر 14:46 11-09-2018 الكاتب: إذاعة النور المصدر: إذاعة النور البلد: محلي
145

رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه "في هذه المرحلة من تاريخنا، التي خَفَتَ فيها صوت الانسانية وتخطت مصالح الدول الكبرى أقصى الحدود على حساب العدالة والتضامن الانساني،

رئيس الجمهورية ميشال عون متحدثاً أمام البرلمان الأوروبي
رئيس الجمهورية ميشال عون متحدثاً أمام البرلمان الأوروبي

لا نجد إلا في الحوار والاحترام المتبادل والعودة إلى تطبيق المبادئ العالمية لحقوق الانسان والمجموعات والدول، سبيلاً إلى تبريد محركات العنف والحروب والتطرّف، التي جعلت من منطقتنا أتوناً مشتعلاً بالكراهية، والخوف، والاضطرابات".

وأضاف الرئيس عون في كلمة ألقاها اليوم خلال الجلسة العامة للبرلمان الاوروبي في ستراسبورغ: "إن ما يحيط بنا اليوم، يجعلنا أكثر تمسّكاً بالأسس التي نشأت عليها دولة لبنان، وعلى رأسها النظام الديمقراطي الذي، وعلى الرغم من بعض الشوائب التي لا زالت تعتريه، قد التقت حوله مكونات الشعب اللبناني، وعكس في جوهره رسالة لبنان، بلداً للتعايش والتنوع والغنى الحضاري والثقافي".

وقال رئيس الجمهورية: "لقد انقسم لبنان سياسياً في الآونة الأخيرة بسبب حروب الجوار ولكنه لم ينقسم وطنياً، ارتفعت الأصوات فيه عاليةً ولكنه لم ينحرف نحو العنف، وكان الخطاب لاهباً ولكن لهيبه لم يشعل النار. وعندما شذّ البعض وجنحوا نحو التطرف والفكر التكفيري سرعان ما لفظهم مجتمعهم وبيئتهم؛ فالمجتمع اللبناني بطبيعته ليس بيئةً حاضنة للتطرّف ورفض الآخر. واحترام حرية المعتقد والتعبير والرأي وحق الاختلاف هي جزء من ثقافة اللبنانيين. هذه الخصوصية اللبنانية تساعد لبنان على تخطي مشاكله وعلى ترسيخ سلامه واستقراره، كما تلهم دولاً أخرى معالم الدرب إلى مستقبل أكثر انسجاماً مع العصر وحقوق الانسان، خصوصاً اذا ما نجحنا في ازالة الشوائب وبلوغ النضج الديمقراطي".

ولفت الرئيس عون إلى أن لبنان شهد في شهر أيار من العام الحالي، إجراء انتخابات نيابية "على الرغم من بعض التجاذبات السياسية الحادة التي أخَّرت حصولها، وذلك وفق قانون انتخابي حديث يرتكز على التمثيل النسبي للمرَّة الأولى في تاريخ لبنان. وقد أفضى إلى تمثيل أكثر دقة وتوازناً من القانون الأكثري السابق، لكافة القوى السياسية، والى تنوع أكبر في مجلس النواب، يعزِّز الحياة الديمقراطية".

وتابع عون: "إن لدى وطننا الكثير من التحديات التي تواجهه، وعلى رأسها، الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وقد أطلقنا في الفترة الأخيرة الخطوط العريضة لخطة اقتصادية ترسم خارطة الطريق لتفعيل القطاعات الانتاجية، وتحديث البنية التحتية،. وقد جاءت هذه الخطة متناغمة مع مقررات مؤتمر "سيدر". لقد وضعتُ على رأس أولوياتي مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمحاسبة. وقد بدأنا بالفعل بتحقيق بعض الخطوات الإيجابية على هذا الصعيد، لكن العمل الأساسي سينطلق مع الحكومة الجديدة التي تقع على عاتقها مسؤولية تطبيق خطة النهوض الاقتصادي ومقرّرات مؤتمر "سيدر"، لإرساء الاستقرار والازدهار في البلاد".

وأضاف رئيس الجمهورية: "لقد تحمّل لبنان عبء أزمات المحيط، اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، وتسلل الإرهاب الى جروده الشرقية والشمالية جاعلاً منها منطلقاً لعملياته الدموية في الداخل اللبناني، إلى أن قام جيشنا بعملية عسكرية نوعية ، دحر خلالها الإرهابيين وتابع مع سائر الأجهزة الأمنية المختصة استئصال الخلايا الإرهابية النائمة حتى تم القضاء عليها نهائياً، وتحقق للبنان الأمن والاستقرار. ويبقى النزوح، وخصوصاً السوري منه، من أكثر تداعيات حروب دول الجوار ثقلاً علينا، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً ؛ فمن باب التضامن الإنساني استقبل لبنان أكثر من مليون ونصف نازح سوري، فرّوا من جحيم الحرب في بلادهم. لكن، في بلد صغير المساحة، كثيف السكان، محدود الموارد، يعاني من ضعف البنى التحتية وتزايد البطالة، لا بد أن تدركوا بسهولة مدى العبء الذي نتحمّله، في وقت لم يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته لدعم لبنان في التخفيف من تأثير هذا النزوح، انطلاقاً من مبدأ تقاسم الأعباء والمسؤوليات بين الدول".

وفي هذا الإطار، دعا الرئيس عون إلى "تفعيل قرارات الدعم المادي التي اتخذت خصوصا في مؤتمر بروكسيل برغم تحفظنا على بعض ما جاء في بيانه الختامي، والمتعلق خصوصاً بمسألة العودة الطوعية للنازحين وربطها بالحل السياسي، وانخراطهم في سوق العمل في الدول التي نزحوا اليها. ولا بد من التذكير هنا بأن لبنان هو بلد هجرة وليس بلد استيطان أو سوقاً مفتوحة للعمل، وأبناؤه المنتشرون في كل أصقاع العالم، وللقارة الأوروبية منهم نصيب كبير، هم خير شاهد".  

وأكد الرئيس عون أن "لبنان يسعى لتأمين العودة الكريمة والآمنة للنازحين إلى ديارهم، ويرفض أي مماطلة في هذا الشأن، ويؤيد كل دعم لحل مسألة النزوح السوري المكثّف إلى أراضيه، على غرار المبادرة الروسية، ويرفض ربطها بالحل السياسي الذي قد يطول أمده. ونذكّر هنا، أن الشعب الفلسطيني لا يزال منذ العام 1948 يعيش في المخيمات في دول الشتات، وخصوصاً في لبنان، بانتظار الحل السياسي وتنفيذ القرار 194، وها هي ملامح هذا الحل بدأت تظهر بعد 70 عاماً من الانتظار منبئة بمشروع التوطين، وكأن المجتمع الدولي يعتمد سياسة "وهب ما لا يملك لمن لا يستحق".

وأشار الرئيس عون إلى أن "السياسات الدولية التي لا تزال معتمدةً في الشرق الأوسط تزيد النقمة وترفع منسوب التطرف وتفسح المجال واسعاً للعنف والإرهاب"، وأضاف: "لا شك أن هذه السياسات الخالية من مقياس العدالة، تؤدي الى التشكيك بصحة تطبيق الديمقراطية في الدول التي تُعتبر رائدة في اعتمادها إياها نظاماً سياسياً. فهل تحتمل الديمقراطية الحفاظ على حقوق الإنسان في الداخل، ونحر هذه الحقوق خارج الحدود تحقيقاً لمصالح دول كبرى؟ من نتائج هذه السياسة أنها دفعت بإسرائيل الى تهويد القدس وإعلانها عاصمة لها، ضاربةً عرض الحائط بالقرارات الدولية، وبالتصويت في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة. وهي لم تكتفِ بذلك، بل أقرّت قانون "القومية اليهودية لاسرائيل" واستكمالاً له أتى القرار الأميركي الذي اتُخذ مؤخراً بحجب التمويل عن وكالة الأونروا، وهو بداية لفرض التوطين على الدول المضيفة للاجئين ومنهم لبنان الذي يحظّر دستوره التوطين والتجزئة والتقسيم، وهو يرفض هذا الواقع أيضاً من أجل العدالة والمساواة بين البشر".