
بين أحقية المطالبة بعيشٍ كريم وإثارة الفوضى في الشارع، فروقٌ كبيرةٌ كـفَرقِ ما يجري في على الأرض: فما يحصل اليوم في الطرقات لا سيما في منطقةِ طرابلس لا يمكنُ فصلُه عن سياسة تلك المنظومة،
التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من أزماتٍ سياسية واقتصادية مالية، ونقدية واجتماعية أنهكت الدولة والمواطن على حدٍّ سواء، وأدخلت الوطنَ في أتونِ هذا النفق المظلم من المعاناة .. رمى بعضُ الفاسدين قنابلَ دخانيةً للتعميةِ على ما اقترفوه على مدى عقود من الزمن، وإيهامِ الرأي العام بأنّ سبب الأزمةِ هو حكومةٌ لم تبلغ من العمرِ شهرَها الثالث، فيما حقيقةُ الأمرِ أن غبارَ معركتِهم هذه لا تعدو كونها سوى وسيلةِ ضغطٍ لحرفِ الأنظارِ عن فتحِ مغاورِ الهدرِ والفسادِ الذي استحكم بمفاصلِ الدولة، ومَلَأ خزائنَهم على حسابِ بطونٍ خاوية لم تَعُد قادرة على سد الرمق.
هي منظومةُ فسادٍ كاملةٍ متكاملة، بين تجارِ السياسةِ الذين يواصلونَ سحقَ العملةِ الوطنيةِ وتجويعِ الفقراء، وتجار السلع والمحتكرين الذين ركبوا موجةَ الغلاءِ، للقضاءِ على ما تبقّى من قيمةٍ شرائيةٍ في الأسواقِ اللبنانية، فيما الأملُ يبقى بإتمامِ الخطةِ الاقتصاديةِ التي تُواظبُ الحكومةُ على إقرارِها لتصويبِ الوضع وإعادةِ الأمورِ إلى نصابها بما تيسَّر من إمكانياتٍ متواضعة.
مدينة طرابلس شهدت بالأمس مواجهات وعمليات كرّ وفر بين محتجين وعناصر الجيش اللبناني، ففي ساحة النور دارت مواجهات عنيفة بين الجانبين حيث أطلق عناصر الجيش الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين لتفريقهم كما لاحق عدداً من الاشخاص الذين افتعلوا أعمال شغب واعتدوا على الأملاك الخاصة والآليات العسكرية، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف الطرفين.
وفي منطقة الميناء، دارت مواجهات مماثلة أمام قصر رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، حيث عمد عدد من الأشخاص إلى رمي الحجارة على القصر وسط انتشار كثيف لعناصر الجيش والقوى الأمنية.
وعلى الخط الساحلي قطع عدد من الأشخاص السير على أوتوستراد صيدا بيروت عند محلة جدرا بالاتجاهين، كما قطع آخرون السير عند محلة مثلث خلدة باتجاه الشويفات.
وأقدم عدد من المحتجين على قطع الطرقات في بيروت والبقاع، حيث عمل الجيش اللبناني والقوى الأمنية على إعادة فتح عدد منها.
في غضون ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة له عند الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم في السراي الكبير لاستكمال البحث في الصيغة النهائية للخطة الإصلاحية للحكومة قبل إقرارها في الجلسة التي ستعقد نهار غد الخميس في قصر بعبدا.