
أصدرت مؤسسة القدس الدولية، مساء الأحد، البيان الآتي:
"أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي ليل الأحد الواقع فيه 26/3/2023 على اقتحام الجامع القبلي في المسجد الأقصى المبارك، ومهاجمة المعتكفين فيه، واعتقال بعضهم، وطرد من تبقَّى منهم تنفيذًا لقرار الاحتلال بمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى طوال شهر رمضان المبارك، والاقتصار على العشر الأواخر؛ وذلك تمهيدًا لإخلاء المسجد الأقصى من المعتكفين وروَّاد الأقصى قبيل اقتحامات المستوطنين المتطرفين له. وكان لافتًا أنَّ أحد موظَّفي دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن طلبَ وفق مقاطع موثَّقة من بعض أخواتنا المرابطات المعتكفات الخروج من المسجد الأقصى، متهمًا إياهنَّ بإلقاء أنفسهنَّ إلى التهلكة إنْ بقينَ في المسجدِ. وأمام هذه التطورات الخطيرة تؤكد مؤسسة القدس الدولية الآتي:
أولًا: نحيِّي المعتكفين في المسجد الأقصى، ونقدر مبادرتهم وحرصهم على عمارة المسجد الأقصى، والدفاع عنه برباطهم واعتكافهم، وعدم تركه فارغًا أمام الاحتلال الذي يريد إفراغه لتسهيل اقتحامات المستوطنين المتطرفين، وندعوهم إلى عدم الخضوع لسياسات الاحتلال، ومعاودة الاعتكاف في المسجد الأقصى؛ لأنَّ الاعتكاف في الأقصى حقٌّ لا ينتظر المسلمون موافقةً من احتلال غاشم ليحصلوا عليه.
ثانيًا: إنَّ الاعتكاف في المسجد الأقصى له خصوصيات مختلفة عن الاعتكاف في أي مسجد غيره؛ فالأقصى مخصوص بالبركة والقدسية والأجر المضاعف، وهو محلُّ استهداف من احتلال يريد إفراغه تمهيدًا لإزالته وإزالة الوجود الإسلامي منه. وعمارتُه بالمعتكفين والمرابطين والمصلين والموظفين من أنجع الوسائل للتصدي لمخططات الاحتلال. إضافة إلى ذلك فإنَّ فتح أبواب الأقصى للمعتكفين من أول يوم في رمضان ييسِّرُ على قاصدي المسجد من المناطق الفلسطينية التي يفرض الاحتلال على أهلها الحصول على تصريح في كل مرة يريدون فيها الوصول إلى الأقصى، وغالبًا ما يمنعهم. وحريٌّ بكلِّ حريص على المسجد الأقصى أن ينظر إلى الاعتكاف في المسجد على أنه شعيرة إسلاميَّة عزيزة، ووسيلة شرعية لعمارة الأقصى، وطريقة مؤثرة في الإسهام في الدفاع عنه وصدِّ قطعان المستوطنين المقتحمين.
ثالثًا: إنَّ الاستسلام لقرار الاحتلال بمنع الاعتكاف في المسجد الأقصى يعني إقرارًا بـ"حقه" في إلغاء شعيرة إسلامية رغَّب الإسلام كثيرًا في إقامتها في المسجد الأقصى، وسكوتًا على اعتداء فادح على الإسلام نفسه، والمسجد الأقصى، وضيوف الرحمن في المسجد، وقبولًا بمخطط إفراغ المسجد الأقصى قبيل الاقتحامات. ومن هنا ندعو المسلمين والهيئات الإسلامية في كل أرجاء المعمورة إلى رفض هذا الأمر، وبذل كل الجهود لتمكين روَّاد الأقصى من الاعتكاف فيه في كل الأوقات، ولا سيما طوال شهر رمضان المبارك.
رابعًا: إنَّ دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس مطالبة بتوفير كل التسهيلات للمعتكفين، والتصدي لمحاولات الاحتلال للتدخل في إدارة شؤون المسجد الأقصى، وتقرير من يدخل إليه ومن لا يدخل، ومتى يكون الاعتكاف ومتى لا يكون، ومنعًا لإحداث هوَّة بين إدارة الأوقاف والمقدسيين وروَّاد الأقصى، ندعو دائرة الأوقاف الإسلامية إلى توضيح موقفها من الكلام الموثق المنشور الذي جاء على لسان أحد موظفيها، وهو يطلب من أخواتنا المعتكفات المرابطات الخروج من الأقصى، وعدم إلقاء أنفسهنَّ إلى التهلكة حسب كلامه. إنَّ هذا الكلام جاء في سياق تعليمات أصدرتها دائرة الأوقاف لفتح مساجد البلدة القديمة للمعتكفين لتكون بدائل عن الأقصى. إضافة إلى ذلك فقد أصدرت شرطة الاحتلال الإسرائيلي بيانًا ادَّعت فيه أنَّ إخراج المعتكفين من الأقصى كان بالتنسيق مع إدارة دائرة الأوقاف الإسلامية، وأنَّ فتح مساجد البلدة القديمة كان بالتنسيق معها كذلك، ولم يصدر أي موقف من الأوقاف ينفي ذلك. كلُّ هذا يدفعنا إلى إسداء النصح لإخواننا القائمين على الأوقاف الإسلامية في القدس، وإلى مرجعيتها في الأردن، لنقول إنَّ مثل هذه المواقف والسلوكيات لا تنسجم والأمانة الملقاة على عاتق الأردن ودائرة الأوقاف التي يجب أن تكون المشرفة حصرًا على شؤون الأقصى بلا أي تدخل من الاحتلال. وقد تواصلت مؤسسة القدس الدولية مع مسؤولين في الأوقاف في الأيام القليلة الماضية، ودعت إلى التنبه لمخطط الاحتلال لإفراغ الأقصى تمهيدًا لاقتحاماته، وطالبت بفتح أبواب الأقصى للمعتكفين طوال شهر رمضان. إنَّ دائرة الأوقاف الإسلامية مطالبة بوقف أي تنسيق مع الاحتلال إن وجد، وبالانسجام مع نبض المقدسيين والفلسطينيين الذين يخوضون معركة مفتوحة مع الاحتلال وجنوده ومستوطنيه في أحياء ومدن الضفة الغربية التي تتألق كتائبها ومجموعاتها في المقاومة دفاعًا عن حقوق شعبنا، ومقدساته، وأرضه، وثوابته.
خامسًا: ندعو الفلسطينيين القادرين على الوصول إلى الأقصى إلى تكثيف الاعتكاف والرباط فيه، وإلى مواجهة مخطط "منظمات المعبد" لتنفيذ اقتحامات كثيفة لمناسبة "عيد الفصح العبري" في الأسبوع الثالث من رمضان الموافق لـ 6-12/4/2023، وإلى اجتراح الوسائل المبدعة التي لجأ إليها المرابطون في الأقصى في العامين الماضيين دفاعًا عن المسجد، وتصديًا للمستوطنين المقتحمين. وندعو أبناء أمتنا إلى إسناد المعتكفين والمرابطين بكل الوسائل الممكنة.
مؤسسة القدس الدولية
بيروت، 26/3/2023".