أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله أن جرحى المقاومة، الذين نحتفي بهم اليوم، هم الشريحة الغالية من المضحين،
لافتاً إلى أن المناسبة الثانية لها علاقة بأسرى المقاومة الذين عانوا من أيام طويلة بالسجون.
وشدد السيد نصرالله، خلال كلمة له في الاحتفال التكريمي بمناسبة يوم الجريح المقاوم، على أن الحرس الثوري الايراني يشكّل السند الحقيقي لكل حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة، وأن ما يعيشه محور المقاومة من مواقع قوة واقتدار هو ببركة هذه الثورة الإسلامية التي انتصرت في مثل هذه الأيام قبل 45 عاماً بقيادة الإمام الخميني (قده).
وقال السيد نصرالله: "هذه الجراح صنعت لشعبنا ووطننا وأمتنا الكثير من الإنجازات والانتصارات الجليّة والواضحة، ومسؤوليتنا الحفاظ على الإنجازات الأخروية للجراح بالتقرب الى الله وطاعته، وفي الدنيا مسؤوليتنا الحفاظ على هذه الانتصارات من خلال الحضور والدعم الدائم والجهاد المتواصل وحفظ المقاومة".
وأشار السيد نصرالله إلى أنّ 130 يوماً مضت في غزة من المجازر الصهيونية والتوحش ومن الصمود الأسطوري والبطولات التي تصل إلى حد الإعجاز ومن الفشل "الإسرائيلي" في تحقيق الأهداف، مشدداً على أن ما يجري في غزة يجب أن يهزّ ضمير كل الناس في العالم ويجب أن يستشعروا بالمسؤولية تجاه هذا العدوان والكارثة الإنسانية.
وشدد السيد نصرالله من جهة ثانية على أن ما نراه اليوم على الجبهة الجنوبية هو بالدرجة الأولى استجابة صادقة للمسؤولية الإيمانية والأخلاقية والدينية، وقال: "في جبهتنا اللبنانية، نحن بالدرجة الأولى منسجمون مع قيمنا الأخلاقية والدينية، وسنُسأل عنها يوم القيامة. ما نقوم فيه في جبهتنا اللبنانية هو كذلك مسؤولية وطنية".
وإذ أكد سماحته أن وجود "إسرائيل" يشكّل مصيبة لكل المنطقة، لفت السيد نصرالله إلى أن "إسرائيل" القوية كانت خطراً، أما"إسرائيل" الخائفة والمردوعة اليوم، فهي تشكّل حالة أقل خطراً وضرراً على شعوب المنطقة، معتبراً أن أمام ما يجري في غزة، فإن المصلحة الوطنية اللبنانية والسورية والأردنية والمصرية تقتضي بخروج "إسرائيل" من هذه المعركة مهزومة ومنكسرة، وأن فتح الجبهة اللبنانية مع الاحتلال شكّل مصلحة وطنية بالدرجة الأولى لمنع انتصار "إسرائيل".
وأشار السيد نصرالله إلى أن هناك من يقول عبارات مهينة لكل التضحيات التي يتم تقديمها في مواجهة العدو، وهناك أطراف لها أحكام مسبقة أيّا تكن الإنجازات والانتصارات وتصف ما يتحقق بأنه إنجاز وهمي، كما أنّ هناك أطرافاً لها مواقف مسبقة وينطبق عليها قول "صم بكم عُمي" أياً كان النقاش معها، معتبراً أن الفئة التي تدّعي ان "القانون الدولي يحمينا" وتُجادل في جدوى المقاومة "، ميؤوس منها".
وشدد سماحته على أن هذا السجال يجب أن لا يتحوّل إلى نزاع طائفي، لأن في ذلك مصلحة "إسرائيلية"، موضحاً أن الانقسام حيال "إسرائيل" موجود في لبنان منذ نشوء كيان الاحتلال، وهناك شهداء مسيحيون ومسلمون في مواجهته، لافتاً إلى أن من يتحمل العبء بالدرجة الأولى في الجبهة الجنوبية اليوم هم أهل القرى الحدودية ويتضامن معهم باقي لبنان، وأن عدداً كبيراً من الشـهداء هم من أبناء القرى الحدودية الأمامية، وأغلبية أهالي القرى الحدودية في الجنوب هذه هي إرادتها وهذا هو خيارها، وهي ليست فقط تحتضن المقاومة بل هي تمارس فعل المقاومة.
وفي الإطار نفسه، أضاف السيد نصرالله: "أهل القرى الأمامية والجنوب هم الجزء الأكبر في لبنان الذي عانى من وجود "إسرائيل" والكيان الغاصب، وشهدوا أن الذي يستعيد أرضهم ويحميهم وكرامتهم وأرزاقهم هي المقاومة، لذلك كانوا هم المقاومة"، وقال: "أهل القرى الحدودية قدّموا بيوتهم للمقاومة رغم علمهم بأنها ستُدمّر وسيعاد بناؤها أحسن مما كانت عليه".
وتابع السيد نصرالله: "قوة المقاومة في الجنوب هي في هذا الاحتضان الشعبي الكبير ونحن نستند على هذه الجبال الشامخة والإرادات الصلبة وهذه المقاومة بهذه التضحيات وهذا الصمود تدافع عن كل لبنان وإلا كانت استباحت "إسرائيل" كل لبنان"، مشيراً إلى أن العدو يقاتل ضمن حدود وضوابط وهذه التجربة ثبّتت موازين الردع وأثبتت أن لبنان لديه قوة.
وأكد السيد نصرالله أنّ كل الوفود التي أتت إلى لبنان خلال الأشهر الماضية لها هدف واحد هو أمن "اسرائيل" وحمايتها ووقف إطلاق النار على المواقع الصهيونية وإعادة الـ 100 ألف مستوطن إلى المستوطنات، مشيراً إلى أن الوفود الغربية تتبنّى بالمطلق الورقة "الاسرائيلية" وتكتفي بتقديمها إلى لبنان، وهذه الوفود لا تتناول في أوراقها أيّ أمر يتعلق بما يحصل في غزة من عدوان وجرائم ومجاعة أو الاعتداءات الصهيونية على لبنان والأراضي المحتلة فيه.
وأضاف السيد نصرالله: "هذه الوفود القادمة إلى لبنان تحاول التهويل علينا وهذا لم يجدِ نفعاً، كذلك المكاسب السياسية التي يُلوّح بها لا يمكن أن تؤثّر على موقفنا ولن تؤدي إلى وقف هذه الجبهة"، لافتاً إلى أن الجبهة في جنوب لبنان هي جبهة ضغط ومشاركة وتضامن لإضعاف العدو الصهيوني واقتصاده وامنه حتى يصل إلى النقطة التي يقتنع فيها أن عليه أن يوقف عدوانه على غزة وحتى شنّ الحرب لن يوقف هذه الجبهة.
وأكد الأمين العام لحزب الله أن العدو ليس في موقع فرض الشروط على لبنان وقال: "أنا أدعو الموقف الرسمي اللبناني لوضع شروط جديدة على 1701، لا تطبيقه"، مشدداً على أن "لبنان في موقع القويّ ومن يفرض الشروط فيما العدو هو المأزوم"، لافتاً إلى أن الجبهة الجنوبية تحكمها موازين ردع وحسابات دقيقة عند طرفي القتال ولكن هناك جو كبير من التهويل قد يصل الى مستوى "الانحطاط الاخلاقي والسفالة".
ولفت السيد نصرالله إلى أن مشهداً آخر من مشاهد الانحطاط والسفالة هم تخويف أهالي القرى الجنوبية الحدودية عبر الاتصال بهم ودعوتهم إلى إخلاء المنازل وزرع البلبلة خدمةً للعدو، محذراً من أن معلوماتٍ بالمجّان تُقدّم للعدو الصهيوني عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويجب الانتباه إلى ما يُشاع في مواقع التواصل بهدف تخويف الناس والمس بإراداتهم، إذ لا يجوز تقديم معلومات للعدو بالمجان وهو يبحث عنها.
وأكد سماحته أن الهاتف الخلوي هو جهاز تنصت، لذلك "نطلب من إخواننا في القرى الحدودية وفي كل الجنوب الاستغناء عن هواتفهم الخلوية من أجل حفظ وسلامة دماء وكرامات الناس، الخلوي هو عميل قاتل يقدم معلومات محددة ومميتة"، مشيراً إلى أن "الاسرائيلي" ليس بحاجة إلى زرع العملاء على الطرقات، فالكاميرات الموصولة على الانترنت تراقب كل الطرقات، لذا يجب قطع هذه الكاميرات عن الانترنت لأن التساهل في هذا الموضوع يساهم في المزيد من الشهداء والخسائر وكشف الجبهة للعدو.
وقال السيد نصرالله: "وزير الحرب الإسرائيلي قال إنه سيكمل في الجنوب، فأهلًا وسهلًا، ونحن نكمل في الجنوب"، مردفاً: "نحن نراقب كلّ التطورات في المنطقة وكل الاحتمالات مفتوحة لكن نحن نقاتل في الجنوب وعيننا على غزة". وأضاف سماحته: "عندما يقف العدوان على غزة سيقف إطلاق النار في الجنوب، وعندما يقف إطلاق النار في غزة ويقوم العدو الصهيوني بأي عمل، سنعود إلى العمل على القواعد والمعادلات التي كانت قائمة، فالمقاومة عملها ردع العدو وستكون ردودنا متناسبة".
وختم السيد نصرالله بالقول: "من يهدّدنا بالتوسعة في الحرب نهدده بالتوسعة كذلك، ومن يتصوّر أن المقاومة في لبنان تشعر لو للحظة واحدة بخوف أو ارتباك، فهو مشتبه ومخطئ تماماً ويبني على حسابات خاطئة"، مشدداً على أن "المقاومة اليوم أشدّ يقيناً وأقوى عزماً لمواجهة العدو في أيّ مستوى من مستويات المواجهة".